فصل: فصل للقصر أربع شروط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 فصل وأَما كون السفر مباحاً

فمعناه‏:‏ أنه ليس بمعصية سواء كان طاعة أو تجارة ولا يترخص في سفر المعصية كهرب العبد من مولاه والمرأة من الزوج والغريم مع القدرة على الأداء والمسافر لقطع الطريق أو للزنى أو قتل البرىء وأما العاصي في سفره وهو أن يكون السفر مباحا ويرتكب المعاصي في طريقه فله الترخص ولو أنشأ سفرا مباحا ثم جعله معصية فالأصح أنه لا يترخص ولو أنشأ سفر معصية ثم تاب وغير قصده من غير تغيير صوب السفر قال الأكثرون ابتداء سفره من ذلك الموضع إن كان منه إلى مقصده مسافة القصر ترخص وإلا فلا وقيل في الترخص وجهان كما لو نوى مباحا ثم جعله معصية‏.‏

ثم العاصي بسفره لا يقصر ولا يفطر ولا يتنفل على الراحلة ولا يجمع بين الصلاتين ولا يمسح ثلاثة أيام وله أن يمسح يوما وليلة على الصحيح والثاني لا يمسح أصلا وليس له أكل الميتة عند الاضطرار على المذهب وبه قطع الجماهير من العراقيين وغيرهم وقيل وجهان أصحهما لا يجوز تغليظا عليه لأنه قادر على استباحتها بالتوبة‏.‏

والثاني الجواز كما يجوز للمقيم العاصي على الصحيح الذي عليه الجمهور وفي وجه شاذ لا يجوز للمقيم العاصي لقدرته على التوبة‏.‏

قلت ولا تسقط الجمعة عن العاصي بسفره وفي تيممه خلاف تقدم في بابه والله أعلم‏.‏

ومما ألحق بسفر المعصية أن يتعب الانسان نفسه ويعذب دابته بالركض من غير غرض ذكر الصيدلاني أنه لا يحل له ذلك ولو كان يتنقل من بلد إلى بلد من غير غرض صحيح لم يترخص‏.‏

قال الشيخ أبو محمد السفر لمجرد رؤية البلاد والنظر إليها ليس من الأغراض الصحيحة

 فصل القصر جائز في كل صلاة رباعية

مؤداة في السفر أدرك وقتها فأما المغرب والصبح فلا قصر فيهما بالاجماع وأما المقضية فإن فاتت في الحضر وقضاها في السفر لم يقصر خلافا للمزني وإن شك هل فاتت في السفر أو الحضر لم يقصر أيضاً وإن فاتت في السفر فقضاها فيه أو في الحضر فأربعة أقوال أظهرها إن قضى في السفر قصر وإلا فلا والثاني يتم فيهما والثالث يقصر فيهما والرابع إن قضى ذلك في السفر قصر وإن قضى في الحضر أو سفر آخر أتم فإن قلنا يتم فيهما فشرع في الصلاة بنية القصر فخرج الوقت في أثنائها فهو مبني على أن الصلاة التي يقع بعضها في الوقت أداء أم قضاء والصحيح أنه إن وقع في الوقت ركعة فأداء وإن كان دونها فقضاء‏.‏

فإن قلنا قضاء لم يقصر وإن قلنا أداء قصر على الصحيح وقال صاحب التلخيص يتم‏.‏

فرع إذا سافر في أثناء الوقت وقد مضى منه ما يمكن فالنص أن له القصر ونص فيما إذا أدركت من أول الوقت قدر الإمكان ثم حاضت أنه يلزمها القضاء وكذا سائر أصحاب العذر فقال الأصحاب في المسألتين طريقان أحدهما وهو المذهب العمل بظاهر النصين والثاني فهما قولان أحدهما يلزم الحائض الصلاة ويجب على المسافر الاتمام والثاني لا يلزمها الصلاة ويجوز له القصر وقال أبو الطيب ابن سلمة إن سافر وقد بقي من الوقت أربع ركعات لم يقصر وإن بقي أكثر قصر والجمهور على أنه لا فرق أما إذا سافر وقد بقي أقل من قدر الصلاة فإن قلنا كلها أداء قصر وإلا فلا‏.‏

وإن مضى من الوقت دون ما يسع الصلاة وسافر قال إمام الحرمين ينبغي أن يمتنع القصر إن قلنا تمتنع لو مضى ما يسع الصلاة بخلاف ما لو حاضت بعد مضي القدر الناقص فإنه لا يلزمها الصلاة على المذهب لأن عروض السفر لا ينافي إتمام الصلاة وعروض الحيض ينافيه

قلت هذا الذي ذكره الإمام شاذ مردود فقد صرحوا بأنه يقصر هنا بلا خلاف ونقل القاضي أبو الطيب إجماع المسلمين أنه يقصر والله أعلم‏.‏

 فصل للقصر أربع شروط

أحدها أن لا يقتدي بمتم فإن فعله ولو في لحظة لزمه الاتمام والاقتداء في لحظة يتصور من وجوه منها أن يدرك الإمام في آخر صلاته أو يحدث الإمام عقب اقتدائه وينصرف ولو صلى الظهر خلف من يقضي الصبح مسافرا كان أو مقيما لم يجز القصر على الأصح ولو صلى الظهر خلف من يصلي الجمعة فالمذهب أنه لا يجوز القصر مطلقا وقيل إن قلنا قلت وسواء كان إمام الجمعة مسافرا أو مقيما فهذا حكمه ولو نوى الظهر مقصورة خلف من يصلي العصر مقصورة جاز والله أعلم‏.‏

ثم المقتدي تارة يعلم حال إمامه وتحرة يجهلها فإن علم نظر إن علمه مقيما أو ظنه لزمه الإتمام فلو اقتدى به ونوى القصر انعقدت صلاته ولغت نية القصر بخلاف المقيم ينوي القصر لا تنعقد صلاته لأنه ليس من أهل القصر والمسافر من أهله فلم يضره نية القصر كما لو شرع في الصلاة بنية القصر ثم نوى الاتمام أو صار مقيما‏.‏

وإن علمه أو ظنه مسافرا أو علم أو ظن أنه نوى القصر فله أن يقصر خلفه وكذا إن لم يدر أنه نوى القصر ولا يلزم الإتمام بهذا التردد لأن الظاهر من حال المسافر القصر ولو عرض هذا التردد في أثناء الصلاة لم يلزم الاتمام ولو لم يعرف نيته فعلق عليها فنوى إن قصر قصرت وإن أتم أتممت فوجهان أصحهما جواز التعليق فإن أتم الإمام أتم وإن قصر قصر‏.‏

فلو فسدت صلاة الإمام أو أفسدها ثم قال كنت نويت القصر فللمأموم القصر وإن قال كنت نويت الاتمام لزمه الاتمام وإن انصرف ولم يظهر للمأموم ما نواه فالأصح لزوم الاتمام قاله أبو إسحق والثاني جواز القصر قاله ابن سريج‏.‏

أما إذا لم يعلم ولم يظن أنه مسافر أو مقيم بل شك فيلزمه الاتمام وإن بان الإمام مسافرا قاصرا فرع إذا اقتدى بمقيم أو مسافر متم ثم فسدت صلاة الإمام أو فسدت صلاة المأموم فاستأنفها لزمه الاتمام ولو اقتدى بمن ظنه مسافرا فبان مقيما لزمه الاتمام لتقصيره فإن شعار المسافر ظاهر وإن بان أنه مقيم محدث نظر إن بان كونه مقيما أولا لزم الاتمام وإن بان كونه محدثا أولا أو بانا معا فطريقان أشهرهما على وجهين أصحهما له القصر‏.‏

والطريق الثاني له القصر قطعا إذ لا قدوة ولو شرع في الصلاة مقيما ثم بان أنه محدث ثم سافر والوقت باق فله القصر لعدم الشروع الصحيح بخلاف ما لو شرع فيها مقيما ثم عرض سبب مفسد فإنه يلزمه الاتمام لالتزامه ذلك بالشروع الصحيح ولو اقتدى بمقيم ثم بان حدث المأموم فله القصر وكذا لو اقتدى بمن يعرفه محدثا ويظنه مقيما فله القصر لأنه لم يصح شروعه‏.‏

فرع المذهب الصحيح الجديد أنه يجوز أن يستخلف الإمام إذا فسدت بحدث أو غيره من يتم بالمأمومين وسيأتي بيان هذا في باب الجمعة إن شاء الله تعالى فإذا أم مسافر مسافرين ومقيمين ففسدت صلاته برعاف أو سبق حدث فاستخلف مقيما لزم المسافرين المقتدين الاتمام كذا قطع به الأصحاب ويجيء فيه وجه لأنا سنذكر وجها في مسائل الاستخلاف إن شاء الله تعالى أنه يجب عليهم نية الاقتداء بالخليفة فعلى هذا إنما يلزم الاتمام إذا نووا الاقتداء وإنما فرع‏:‏ الأصحاب على الصحيح أن نية الاقتداء بالخليفة لا تجب وأما الإمام الذي سبقه الحدث والرعاف فظاهر نص الشافعي رحمه الله يقتضي وجوب إتمامه واختلفوا في معناه فالصحيح ما قاله أبو إسحق المروزي والأكثرون أن مراده أن يعود بعد غسل الدم ويقتدي بالخليفة إما بناء على القول القديم وإما استئنافا على الجديد فيلزمه الاتمام لأنه اقتدى بمقيم في بعض صلاته‏.‏

فإن لم يقتد به لم يلزمه الاتمام وقيل يجب الاتمام عاد أو لم يعد عملا بظاهر النص لأن فرعه متم فهو أولى وغلطه الأصحاب وقيل إن هذا تفريع على القديم إن سبق الحدث لا يبطلها فيكون الراعف في انصرافه في حكم المؤتم بخليفته المقيم وضعفه الأصحاب أيضاً فإن البناء إنما يجوز على القديم والاستخلاف لا يجوز على القديم‏.‏

وقيل مراده أن يحس الإمام بالرعاف قبل خروج الدم فيستخلف ثم يخرج فيلزمه الاتمام لأنه صار مقتديا بمقيم في جزء من صلاته وضعفه المحاملي وغيره لأنه استخلاف قبل العذر وليس بجائز وقال الشيخ أبو محمد الاحساس به عذر ومتى حضر إمام حاله أكمل جاز استخلافه قلت هذا كله إذا استخلف الإمام مقيم فلو لم يستخلف ولا استخلف المأمومون بنوا على صلاتهم فرادى وجاز للمسافرين منهم والراعف القصر قطعاً‏.‏

وكذا لو استخلف الإمام مسافرا أو استخلفه القوم قصر المسافرون والراعف فلو لم يستخلف الإمام الراعف واستخلف القوم مقيما فوجهان حكاهما صاحب الحاوي أحدهما أنه كاستخلاف الراعف على ما مضى وأصحهما يجوز للراعف هنا القصر بلا خلاف إذا لم يقتد به لأنه ليس فرعا له‏.‏

ولو استخلف المقيمون مقيما والمسافرون مسافرا جاز وللمسافرين القصر خلف إمامهم وكذا لو تفرقوا ثلاث فرق أو أكثر وأم كل فرقة إمام نص عليه الشافعي والله أعلم‏.‏

الشرط الثاني نية القصر فلا بد منها عند ابتداء الصلاة ولا يجب استدامة ذكرها لكن يشترط الانفكاك عما يخالف الجزم بها فلو نوى القصر أولا ثم نوى الاتمام أو تردد بين القصر والاتمام أو شك هل نوى القصر ثم ذكر في الحال أنه نواه لزمه الاتمام ولو اقتدى بمسافر علم أو ظن أنه نوى القصر فصلى ركعتين ثم قام الإمام إلى ثالثة نظر إن علم أنه نوى الاتمام لزمه الاتمام ولو علم أنه ساه بأن كان حنفيا لا يرى الاتمام لم يلزمه الاتمام ويتخير إن شاء خرج عن متابعته وسجد للسهو وسلم وإن شاء انتظره حتى يعود فلو أراد أن يتم أتم لكن لا يجوز أن يقتدي بالامام في سهوه لأنه غير محسوب له ولا يجوز الاقتداء بمن علمنا أنه ما هو فيه غير محسوب له كالمسبوق إذا أدرك من آخر الصلاة ركعة فقام الإمام سهوا إلى ركعة زائدة لم يكن للمسبوق أن يقتدي به في تدارك ما عليه فلو شك هل قام ساهيا أم متما لزمه الاتمام‏.‏

ولو نوى القصر وصلى ركعتين ثم قام إلى ثالثة نظر إن حدث ما يوجب الاتمام كنية الإتمام أو الاقامة أو حصوله بدار الاقامة في السفينة فقام لذلك فقد فعل واجبه فإن لم يحدث شيء من ذلك وقام غمدا بطلت صلاته‏.‏

كما لو قام المقيم المذكور إلى ركعة خامسة أو قام المتنفل إلى ركعة زائدة قبل تغيير النية وإن قام سهوا ثم ذكر لزمه أن يعود ويسجد للسهو ويسلم فلو بدا له بعد التذكر أن يتم عاد إلى القعود ثم نهض متما‏.‏

وفي وجه ضعيف له أن يمضي في قيامه فلو صلى ثالثة ورابعة سهوا وجلس للتشهد فتذكر سجد للسهو وهو قاصر وركعتاه الزائدتان غير محسوبتين فلو نوى الاتمام لزمه أن يقوم ويصلي ركعتين أخريين ويسجد للسهو في آخر صلاته‏.‏

الشرط الثالث أن يكون مسافرا من أول الصلاة إلى آخرها فلو نوى الاقامة في أثنائها أو انتهت به السفينة إلى دار الاقامة أو سارت به من دار الاقامة في اثنائها أو شك هل نوى الاقامة أم لا أو الشرط الرابع العلم بجواز القصر فلو جهل جوازه فقصر لم يصح لتلاعبه نص عليه في الأم‏.‏

قلت ويلزمه إعادة هذه الصلاة أربعا لإلزامه الاتمام والصورة فيمن نوى الظهر مطلقا ثم سلم من ركعتين عمدا أما لو نوى جاهل القصر الظهر ركعتين متلاعبا فيعيدها مقصورة إذا علم القصر بعد شروعه والله أعلم‏.‏

 باب الجمع بين الصلاتين

يجوز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء تقديما في وقت الأولى أو تأخيرا في وقت الثانية في السفر الطويل ولا يجوز في القصير على الأظهر والأفضل للسائر في وقت الأولى أن يؤخرها إلى الثانية وللنازل في وقتها تقديم الثانية ولا يجوز الجمع في سفر المعصية ولا جمع الصبح إلى غيرها ولا العصر إلى المغر‏.‏

فأما الحجاج من أهل الآفاق فيجمعون بين الظهر والعصر بعرفة في وقت الظهر وبين المغرب والعشاء بمزدلفة في وقت العشاء وذلك الجمع بسبب السفر على المذهب الصحيح وقيل بسبب النسك‏.‏

فإن قلنا بالأول ففي جمع المكي القولان لأن سفره قصير ولا يجمع العرفي بعرفة ولا المزدلفي وإن قلنا بالثاني جاز الجمع لجميعهم‏.‏

ومن الأصحاب من يعبر بعبارة أخرى فيقول في جمع المكي قولان الجديد منعه والقديم جوازه وعلى القديم في العرفي والمزدلفي وجهان والمذهب منع جميعهم على الاطلاق وحكم الجمع في البقعتين حكمه في سائر الأسفار‏.‏

ويتخير في التقديم والتأخير والاختيار التقديم بعرفة والتأخير بمزدلفة‏.‏

فرع إذا جمع المسافر في وقت الأولى اشترط ثلاثة أمور أحدها الترتيب فيبدأ بالأولى فلو بدأ بالثانية لم يصح وتجب إعادتها بعد الأولى وو بدأ بالأولى ثم صلى الثانية فبان فساد الأولى فالثانية فاسدة أيضا‏.‏

الأمر الثاني نية الجمع والمذهب أنها تشترط ويكفي حصولها عند الاحرام بالأولى أو في اثنائها أو مع التحلل منها ولا يكفي بعد التحلل ولنا قول أنها تشترط عند الاحرام بالأولى ووجه أنها تجوز في اثنائها ولا تجوز مع التحلل ووجه أنها تجوز بعد التحلل قبل الاحرام بالثانية‏.‏

وهو قول خرجه المزني للشافعي ووجه آخر لأصحابنا وهو مذهب المزني أن نية الجمع لا قلت قال الدارمي لو نوى الجمع ثم نوى تركه في أثناء الأولى ثم نوى الجمع ثانيا ففيه القولان والله أعلم‏.‏

الأمر الثالث الموالاة والصحيح المشهور اشتراطها وقال الأصطخري وأبو علي الثقفي يجوز الجمع وإن طال الفصل بين الصلاتين ما لم يخرج وقت الأولى وحكى عن نصه في الأم أنه إذا صلى المغرب في بيته بنية الجمع وأتى المسجد فصلى العشاء جاز والمعروف اشتراط الموالاة فلا يجوز الفصل الطويل ولا يضر اليسير قال الصيدلاني حد أصحابنا اليسير بقدر الاقامة‏.‏

والأصح ما قاله العراقيون أن الرجوع في الفصل إلى العادة وقد تقتضي العادة إحتمال زيادة على قدر الاقامة ويدل عليه أن جمهور الأصحاب جوزوا الجمع بين الصلاتين بالتيمم وقالوا لا يضر الفصل بينهما بالطلب والتيمم لكن يخفف الطلب‏.‏

ومنع أبو إسحق المروزي جمع المتيمم للفصل بالطلب ومتى طال الفصل امتنع ضم الثانية إلى الأولى ويتعين تأخيرها إلى وقتها سواء طال بعذر كالسهو والإغماء أو بغيره ولو جمع فتذكر بعد فراغه منهما أنه ترك ركنا من الأولى بطلتا جميعا وله إعادتهما جامعا ولو تذكر تركه من الثانية فإن قرب الفصل تدارك ومضت الصلاتان على الصحة وإن طال بطلت الثانية وتعذر الجمع لطول الفصل بالثانية الباطلة فيعيدها في وقتها ولا يجوز الجمع على المشهور‏.‏

وفي قول شاذ يجوز كما لو أقيمت جمعتان في بلد ولم يعلم السابقة منهما يجوز إعادة الجمعة في قول هذا كله إذا جمع في وقت الأولى فلو جمع في وقت الثانية لم يشترط الترتيب ولا الموالاة ولا نية الجمع حال الصلاة على الصحيح‏.‏

وتشترط الثلاثة على الثاني فعلى الاشتراط لو أخل بواحد منها صارت الأولى قضاء فلا يجوز قصرها إن لم نجوز قصر القضاء قال الأصحاب ويجب أن ينوي في وقت الأولى كون التأخير بنية الجمع فلو أخر بغير نية حتى خرج الوقت أو ضاق بحيث لم يبق منه ما تكون الصلاة فيه أداء عصى وصارت الأولى قضاء‏.‏

فرع إذا جمع تقديما فصار في أثناء الأولى أو قبل الشروع في مقيما بنية الاقامة أو وصول السفينة دار الاقامة بطل الجمع فيتعين تأخير الثانية إلى وقتها وأما الأولى فصحيحة فلو صار مقيما في أثناء الثانية فوجهان أحدهما يبطل الجمع كما يمتنع القصر بالاقامة في أثنائها فعلى هذا هل تكون الثانية نفلا أم تبطل فيه الخلاف كنظائره وأصحهما لا يبطل الجمع صيانة لها عن البطلان بعد أما إذا صار مقيما بعد الفراغ من الثانية فإن قلنا الاقامة في أثنائها لا تؤثر فهنا أولى وإلا فوجهان الأصح لا يبطل الجمع كما لو قصر ثم أقام ثم قال صاحب التهذيب وآخرون الخلاف فيما إذا أقام بعد فراغه من الصلاتين إما في وقت الأولى وإما في وقت الثانية قبل مضي إمكان فعلها فإن كان بعد إمكان فعلها لم تجب إعادتها بلا خلاف‏.‏

وصرح إمام الحرمين بجريان الخلاف مهما بقي من وقت الثانية شيء هذا كله إذا جمع تقديما فلو جمع في وقت الثانية فصار مقيما بعد فراغه منهما لم يضر وإن كان قبل الفراغ صارت الأولى قضاء

 فصل يجوز الجمع بين الظهر والعصر

وبين المغرب والعشاء بعذر المطر ولنا قول شاذ ضعيف حكاه إمام الحرمين أنه يجوز بين المغرب والعشاء في وقت المغرب دون الظهر والعصر وهو مذهب مالك‏.‏

وقال المزني لا يجوز مطلقا وسواء عندنا قوي المطر وضعيفه إذا بل الثوب والشفان مطر وزيادة‏.‏

قلت‏:‏ الشفان بفتح الشين المعجمة وتشديد الفاء وآخره نون وهو برد ريح فيه ندوة وكذا قاله أهل اللغة وهو تصريح بأنه ليس بمطر فضلا عن كونه مطرا وزيادة فكأن الرافعي قلد صاحب التهذيب في إطلاق هذه العبارة المنكرة‏.‏

وصوابه أن يقال الشفإن له حكم المطر لتضمنه القدر المبيح من المطر وهو ما يبل الثوب وهو موجود في الشفان والله أعلمز والثلج والبرد إن كانا يذوبان فكالمطر وإلا فلا وفي وجه شاذ لا يرخصان بحال ثم هذه الرخصة لمن يصلي جماعة في مسجد يأتيه من بعد ويتأذى بالمطر في إتيانه فأما من يصلي في بيته منفردا أو في جماعة أو مشى إلى المسجد في كن أو كان المسجد في باب داره أو صلى النساء في بيوتهن جماعة أو حضر جميع الرجال في المسجد وصلوا أفرادا فلا يجوز الجمع على الأصح وقيل على الأظهر‏.‏

ثم إن أراد الجمع في وقت الأولى فشروطه كما تقدمت في جمع السفر وإن أراد تأخير الأولى إلى الثانية كالسفر لم يجز على الأظهر الجديد ويجوز على القديم‏.‏

فإذا جوزناه قال العراقيون يصلي الأولى مع الثانية سواء اتصل المطر أو انقطع وقال في التهذيب إذا انقطع قبل دخول وقت الثانية لم يجز الجمع ويصلي الأولى في آخر وقتها كالمسافر إذا أخر بنية الجمع ثم أقام قبل دخول وقت الثانية لم يجز الجمع ويصلي الأولى في آخر وقتها ومقتضى هذا أن يقال لو انقطع في وقت الثانية قبل فعلها امتنع الجمع وصارت الأولى قضاء كما لو صار مقيما وعكس صاحب الإبانة ما قاله الأصحاب واتفقوا عليه فقال يجوز الجمع في وقت الثانية وفي جوازه في وقت الأولى وجهان وهذا نقل منكر وأما إذا جمع في وقت الأولى فلا بد من وجود المطر في أول الصلاتين ويشترط وجوده أيضاً عند التحلل من الأولى على الأصح الذي قاله أبو زيد وقطع به العراقيون وصاحب التهذيب وغيرهم‏.‏

والثاني لا يشترط ونقله في النهاية عن معظم الأصحاب ولا يضر انقطاعه فيما سوى هذه الأحوال الثلاث هذا هو الصواب الذي نص عليه الشافعي وقطع به الأصحاب في طرقهم ونقل في النهاية عن بعض المصنفين أنه قال في انقطاعه في أثناء الثانية أو بعدها مع بقاء الوقت الخلاف المتقدم في طريان الإقامة في جمع السفر وضعفه وأنكره وقال إذا لم يشترط دوام المطر في الأولى فأولى أن لا يشترط في الثانية وما بعدها وذكر القاضي ابن كج عن بعض الأصحاب أنه لو افتتح الصلاة الأولى ولا مطر ثم مطرت في أثنائها ففي جواز الجمع القولان في نية الجمع في أثناء الأولى‏.‏

واختار ابن الصباغ هذه الطريقة والصحيح المشهور ما قدمناه‏.‏

يجوز الجمع بين صلاة الجمعة والعصر للمطر فإذا قدم العصر فلا بد من وجود المطر في الأحوال الثلاثة كما تقدم قال صاحب البيان ولا يشترط وجوده في الخطبتين وقد ينازع فيه ذهابا إلى جعلهما بدل الركعتين قال وإن أراد تأخير الجمعة إلى وقت العصر جاز إذا جوزنا تأخير الظهر فيخطب في وقت العصر ويصلي‏.‏

فرع المعروف في المذهب أنه لا يجوز الجمع بالمرض ولا الخوف ولا الوحل وقال جماعة من أصحابنا يجوز بالمرض والوحل ممن قاله من أصحابنا أبو سليمان الخطابي والقاضي حسين واستحسنه الروياني فعلى هذا يستحب أن يراعي الأرفق بنفسه فإن كان يحم مثلا في وقت الثانية قدمها إلى الأولى بالشرائط المتقدمة وإن كان يحم في وقت الأولى أخرها إلى الثانية‏.‏

قلت القول بجواز الجمع بالمرض ظاهر مختار فقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر وقد حكى الخطابي عن القفا الكبير الشاشي عن أبي إسحق المروزي جواز الجمع في الحضر للحاجة من غير اشتراط الخوف والمطر والمرض وبه فرع إذا جمع الظهر والعصر صلى سنة الظهر ثم سنة العصر وفي جمع العشاء والمغرب يصلي الفريضتين ثم سنة المغرب ثم سنة العشاء ثم الوتر‏.‏

قلت هذا الذي قاله الإمام الرافعي في المغرب والعشاء صحيح وأما في الظهر والعصر فشاذ ضعيف والصواب الذي قاله المحققون أنه يصلي سنة الظهر التي قبلها ثم يصلي الظهر ثم العصر ثم سنة الظهر التي بعدها ثم سنة العصر‏.‏

وكيف يصح سنة الظهر التي بعدها قبل فعلها وقد تقدم أن وقتها يدخل بفعل الظهر وكذا سنة العصر لا يدخل وقتها إلا بدخول وقت العصر ولا يدخل وقت العصر المجموعة إلى الظهر إلا بفعل الظهر الصحيحة والله أعلم‏.‏

 فصل الرخص المتعلقة بالسفر الطويل أربع

القصر والفطر والمسح على الخف ثلاثة أيام ولياليهن والجمع على والتي تجوز في القصر أيضاً أربع ترك الجمعة وأكل الميتة وليس مختصا بالسفر والتنفل على الراحلة على المشهور والتيمم وإسقاط الفرض به على الصحيح فيهما‏.‏

القصر أفضل من الاتمام على الأظهر وعلى الثاني الإتمام وفي وجه هما سواء واستثنى الأصحاب صورا من الخلاف‏.‏

منها إذا كان السفر دون ثلاثة أيام فالإتمام أفضل قطعا نص عليه وقد تقدم ومنها أن يجد من نفسه كراهة القصر فيكاد يكون رغبة عن السنة فالقصر لهذا أفضل قطعا بل يكره له الاتمام إلى أن تزول تلك الكراهة‏.‏

وكذلك القول في جميع الرخص في هذه الحالة ومنها الملاح الذي يسافر في البحر ومعه أهله وأولاده في سفينة فإن الأفضل له الاتمام نص عليه في الأم وفيه خروج من الخلاف فإن أحمد لا يجوز له القصر‏.‏

قلت ومنها ما حكاه صاحب البيان عن صاحب الفروع أن الرجل إذا كان لا وطن له وعادته السير أبدا فله القصر ولكن الاتمام أفضل والله أعلم‏.‏

واعلم أن صوم رمضان في السفر لمن أطاقه أفضل من الافطار على المذهب‏.‏

قلت وترك الجمع أفضل بلا خلاف فيصلي كل صلاة في وقتها للخروج من الخلاف فإن أبا حنيفة وجماعة من التابعين لا يجوزونه‏.‏

وممن نص على أن تركه أفضل الغزالي وصاحب التتمة قال الغزالي في البسيط لا خلاف أن ترك الجمع أفضل قال أصحابنا وإذا جمع كانت الصلاتان أداء سواء جمع في وقت الأولى أو الثانية‏.‏

ولنا وجه شاذ في الوسيط وغيره أن المؤخرة تكون قضاء وغسل الرجل أفضل من مسح الخف إلا إذا تركه رغبة عن السنة أو شك في جوازه كما تقدم ومن فروع هذا الكتاب لو نوى الكافر أو الصبي السفر إلى مسافة القصر ثم أسلم وبلغ في أثناء الطريق فلهما القصر في بقيته ولونوى مسافران إقامة أربعة أيام وأحدهما يعتقد انقطاع القصر بها كالشافعي والآخر لا يعتقده كالحنفي كره للأول أن يقتدي بالثاني فإن اقتدى صح فاذا سلم الإمام من ركعتين قام المأموم لإتمام صلاته‏.‏

ولا يجوز القصر في البلد للخوف ولا يقصر الصلاة في الخوف إلى ركعة وفي حديث ابن عباس في مسلم فرضت الصلاة في السفر ركعتين وفي الخوف ركعة معناه ركعة مع الإمام وينفرد المأموم بأخرى والله أعلم‏.‏

 كتاب صلاة الجمعة

فيه ثلاثة أبواب

 الباب الأول في شروطها

اعلم أن صلاة الجمعة فرض عين وحكى ابن كج وجها أنها فرض كفاية وحكي قولا وغلطوا حاكيه قال الروياني لا يجوز حكاية هذا عن الشافعي رحمه الله‏.‏

أحدها اشتراط أمور زائدة لصحتها والثاني اشتراط أمور زائدة لوجوبها والثالث آداب تشرع فيها وهذا الباب لشروط الصحة وهي ستة‏.‏

الأول الوقت فلا تقضى الجمعة على صورتها بالاتفاق ووقتها وقت الظهر ولو خرج الوقت أو شكوا في خروجه لم يشرعوا فيها ولو بقي من الوقت ما لا يسع خطبتين وركعتين يقتصر فيهما على ما لا بد منه لم يشرعوا فيها بل يصلون الظهر نص عليه في الأم ولو شرعوا فيها في الوقت ووقع بعضها خارجه فاتت الجمعة قطعا ووجب عليهم إتمامها ظهرا على المذهب وفيه قول مخرج أنه يجب استئناف الظهر فعلى المذهب يسر بالقراءة من حينئذ ولا يحتاج إلى تجديد نية الظهر على الأصح‏.‏

وإن قلنا بالمخرج فهل تبطل صلاته أم تنقلب نفلا قولان مذكوران في نظائره تقدما في أول صفة الصلاة ولو شك هل خرج الوقت وهو في الصلاة أتمها جمعة على الصحيح وظهرا على الثاني‏.‏

ولو قام المسبوق الذي أدرك ركعة ليأتي بالثانية فخرج الوقت قبل سلامه أتمها ظهرا على الأصح وجمعة على الثاني ولو سلم الإمام والقوم التسليمة الأولى في الوقت والثانية خارجه صحت جمعتهم ولو سلم الإمام الأولى خارج الوقت فاتت جمعة الجميع ولو سلم الإمام وبعض المأمومين الأولى في الوقت وسلمها بعض المأمومين خارجه فمن سلمها خارجه فظاهر المذهب بطلان صلاتهم‏.‏

وأما الإمام ومن سلم معه في الوقت فإن بلغوا عددا تصح بهم الجمعة صحت لهم وإلا فهو شبيه بمسألة الانفضاض‏.‏

ثم سلامه وسلامهم خارج الوقت إن كان مع العلم بالحال تعذر بناء الظهر عليه قطعا لبطلان الصلاة إلا أن يغيروا النية إلى النفل ويسلموا ففيه ما سبق وإن كان عن جهل منه لم تبطل صلاته‏.‏

وهل يبني أم يستأنف فيه الخلاف الذي ذكرناه‏.‏

الشرط الثاني دار الإقامة فيشترط لصحة الجمعة دار الإقامة وهي الأبنية التي يستوطنها العدد الذين يصلون الجمعة سواء فيه البلاد والقرى والأسراب التي يتخذها وطنا وسواء فيه البناء من حجر أو طين أو خشب‏.‏

وأما أهل الخيام النازلون في الصحراء ويتنقلون في الشتاء أو غيره فلا تصح جمعتهم فيها فإن كانوا لا يفارقونها شتاء ولا صيفا فالأظهر أنها لا تصح‏.‏

والثاني تصح وتجب ولو انهدمت أبنية القرية أو البلد فأقام أهلها على العمارة لزمهم الجمعة فيها سواء كانوا في مظال أو غيرها لأنه محل الاستيطان ولا يشترط إقامتها في مسجد ولا في كن بل يجوز في فضاء معدود من خطة البلد فأما الموضع الخارج عن البلد الذي إذا انتهى إليه الخارج للسفر قصر فلا يجوز إقامة الجمعة فيه‏.‏

الشرط الثالث أن لا يسبق الجمعة ولا يقارنها أخرى قال الشافعي رحمه الله ولا يجمع في مصر وإن عظم وكثرت مساجده إلا في موضع واحد وأما بغداد فقد دخلها الشافعي رحمه الله وهم يقيمون الجمعة في موضعين وقيل في ثلاثة فلم ينكر عليهم واختلف أصحابنا في أمرها على أوجه‏.‏

أصحها أنه إنما جازت الزيادة فيها على جمعة لأنها بلدة كبيرة يشق اجتماعهم في موضع واحد فعلى هذا تجوز الزيادة على الجمعة الواحدة في جميع البلاد إذا كثر الناس وعسر اجتماعهم وبهذا قال أبو العباس وأبو إسحق وهو الذي اختاره أكثر أصحابنا تصريحا وتعريضا بالسلام‏.‏

وممن رجحه القاضي ابن كج والحناطي بالحاء المهملة المفتوحة وتشديد النون والقاضي الروياني والغزالي والثاني إنما جازت الزيادة فيها لأن نهرها يحول بين جانبيها فيجعلها كبلدتين قاله أبو الطيب ابن سلمة وعلى هذا لا يقام في كل جانب إلا جمعة فكل بلد حال بين جانبيه نهر يحوج إلى السباحة فهو كبغداد‏.‏

واعترض عليه بأنه لو كان الجانبان كبلدين لقصر من عبر من أحدهما إلى الآخر والتزم ابن سلمة والثالث إنما جازت الزيادة لأنها كانت قرى متفرقة ثم اتصلت الأبنية فأجري عليها حكمها القديم فعلى هذا يجوز تعدد الجمعة في كل بلد هذا شأنه واعترض عليه أبو حامد بما اعترض على الثاني ويجاب بما أجيب في الثاني وأشار إلى هذا الجواب صاحب التقريب‏.‏

والرابع أن الزيادة لا تجوز بحال وإنما لم ينكر الشافعي لأن المسألة اجتهادية وليس لمجتهد أن ينكر على المجتهدين وهذا ظاهرنص الشافعي رحمه الله المتقدم‏.‏

واقتصر عليه الشيخ أبو حامد وطبقته لكن المختار عند الأكثرين ما قدمناه وحيث منعنا الزيادة على جمعة فعقدوا جمعتين فله صور‏.‏

أحدها أن تسبق إحداهما فهي الصحيحة‏.‏

والثانية باطلة وبم يعرف السبق فيه ثلاثة أوجه أصحها بالإحرام والثاني بالسلام والثالث بالشروع في الخطبة ولم يحك أكثر العراقيين هذا الثالث فإذا قلنا بالأول فالاعتبار بالفراغ من تكبيرة الاحرام‏.‏

فلو سبقت إحداهما بهمزة التكبيرة والأخرى بالراء منها فالصحيحة هي السابقة بالراء على الأصح وعلى الثاني السابقة بالهمزة‏.‏

ثم على اختلاف الأوجه لو سبقت إحداهما وكان السلطان مع الأخرى فالأظهر أن السابقة هي الصحيحة ولا أثر للسلطان والثاني أن التي معها السلطان هي الصحيحة ولو دخلت طائفة في الجمعة فأخبروا أن طائفة سبقتهم بما ذكرنا استحب لهم استئناف الظهر‏.‏

وهل لهم أن يتموها ظهرا فيه الخلاف السابق فيما إذا خرج الوقت وهم في الجمعة الصورة الثانية أن تقع الجمعتان معا فباطلتان وتستأنف جمعة إن وسع الوقت‏.‏

الثالثة أن يشكل الحال ولا يدري اقترنتا أم سبقت إحداهما فيعيدون الجمعة أيضاً لأن الأصل عدم جمعة مجزئة قال إمام الحرمين وقد حكم الأئمة بأنهم إذا أعادوا الجمعة برئت ذمتهم وفيه إشكال لاحتمال تقدم إحداهما فلا تصح أخرى ولا تبرأ ذمتهم بها فسبيل اليقين أن يقيموا جمعة ثم يصلوا ظهرا‏.‏

الرابعة أن تسبق إحداهما بعينها ثم تلتبس فلا تبرأ واحدة من الطائفتين عن العهدة خلافا للمزني ثم ماذا عليهم فيه طريقان المذهب أن عليهم الظهر والثاني على القولين في الصورة الخامسة وبه قطع العراقيون الخامسة أن تسبق إحداهما ولا يتعين بأن سمع مريضان أو مسافران تكبيرتين متلاحقتين وهما خارج المسجدين فأخبراهم بالحال ولم يعرفا المتقدمة فلا تبرأ واحدة منهما عن العهدة خلافا للمزني أيضا‏.‏

وماذا عليهم قولان أظهرهما في الوسيط أنهم يستأنفون الجمعة والثاني يصلون الظهر قلت الثاني أصح وصححه الأكثرون والله أعلم‏.‏

قال أصحابنا العراقيون لو كان الإمام في إحدى الطائفتين في الصور الأربع الأخيرة ترتب على الصورة الأولى‏.‏

فإن قلنا التي فيها الإمام هي الصحيحة مع العلم بتأخرها فهنا أولى وإلا فلا أثر لحضوره‏.‏

الشرط الرابع العدد فلا تنعقد الجمعة بأقل من أربعين هذا هو المذهب الصحيح المشهور ونقل صاحب التلخيص قولا عن القديم أنها تنعقد بثلاثة إمام ومأمومين ولم يثبته عامة الأصحاب‏.‏

ويشترط في الأربعين الذكورة والتكليف والحرية والإقامة على سبيل التوطن وصفة التوطن أن لا يظعنوا عن ذلك الموضع شتاء ولا صيفا إلا لحاجة فلو كانوا ينزلون في ذلك الموضع صيفا ويرتحلون شتاء أو عكسه فليسوا مستوطنين فلا تنعقد بهم وفي انعقادها بالمقيم الذي لم يجعل الموضع وطنا له خلاف نذكره في الباب الثاني إن شاء الله تعالى‏.‏

وتنعقد بالمرضى على المشهور وفي قول شاذ لا تنعقد بهم كالعبيد فعلى هذا صفة الصحة شرط خامس ثم الصحيح أن الإمام من جملة الأربعين والثاني يشترط أن يكون زائدا على الأربعين وحكى الروياني هذا الخلاف قولين الثاني القديم‏.‏

العدد المعتبر في الصلاة وهو الأربعون معتبر في الكلمات الواجبة فلو حضر العدد ثم انفضوا كلهم أو بعضهم وبقي دون أربعين فتارة ينقصون قبل الخطبة وتارة فيها وتارة بعدها وتارة في الصلاة فإن انفضوا قبل افتتاح الخطبة لم يبتدأ بها حتى يجتمع أربعون وإن كان في أثنائها فلا خلاف أن الركن المأتي به في غيبتهم غير محسوب بخلاف ما إذا نقص العدد في الصلاة فإن فيها خلافا لأن كلا يصلي لنفسه فسومح بنقص العدد فيها‏.‏

والخطيب لا يخطب لنفسه إنما الغرض استماع الناس فما جرى ولا مستمع فات فيه الغرض فلم يحتمل ثم إن عادوا قبل طول الفصل بنى على خطبته وبعد طوله قولان يعبر عنهما بأن الموالاة في الخطبة واجبة أم لا والأظهر أنها واجبة فيجب الإستئناف‏.‏

والثاني غير واجبة فيبني وبنى جماعة القولين على أن الخطبتين بدل من الركعتين فيجب الاستئناف أم لا فلا ولا فرق بين فوات الموالاة بعذر أو بغيره ولو لم يعد الأولون واجتمع بدلهم أربعون وجب استئناف الخطبة طال الفصل أم قصر‏.‏

أما إذا انفضوا بعد فراغ الخطبة فإن عادوا قبل طول الفصل صلى الجمعة بتلك الخطبة وإن عادوا بعد طوله ففي اشتراط الموالاة بين الخطبة والصلاة قولان الأظهر الاشتراط فلا يمكن الصلاة بتلك الخطبة‏.‏

وعلى الثاني يصلي بها ثم نقل المازني أن الشافعي قال أحببت أن تبتدىء الخطبة ثم يصلي الجمعة فإن لم يفعل صلى بهم الظهر واختلف الأصحاب في معناه فقال ابن سريج والقفال والأكثرون يجب أن يعيد الخطبة ويصلي بهم الجمعة لتمكنه قالوا ولفظ الشافعي أوجبت ولكنه صحف‏.‏

ومنهم من قال أراد بأحببت أوجبت قالوا وقوله صلى بهم الظهر محمول على ما إذا ضاق الوقت وقال أبو إسحق لا يجب إعادة الخطبة لكن يستحب وتجب الجمعة للقدرة وقال أبو علي في الإفصاح لا تجب إعادة الخطبة ولا الجمعة ولكن يستحبان عملا بظاهر النص ودليل الثاني والثالث في ترك الخطبة خوف الانفضاض ثانيا فسقطت بهذا العذر وحصل خلاف في وجوب إقامة الجمعة كما اختصره الغزالي فقال إن شرطنا الموالاة ولم تعد الخطبة أتم المنفضون‏.‏

وهل يأثم الخطيب قولان قلت الأصح قو قلت الأصح قول ابن سريج ومتابعيه وأن الخطيب يأثم إذا لم يعد والله أعلم‏.‏

وسواء طال الفصل والخطيب ساكت أو مستمر في الخطبة ثم لما عادوا أعاد ما جرى من واجبها في حال الانفضاض‏.‏

أما إذا أحرم بالعدد المعتبر ثم حضر أربعون آخرون وأحرموا ثم انفض الأولون فلا يضر بل يتم الجمعة سواء كان اللاحقون سمعوا الخطبة أم لا قال إمام الحرمين ولا يمتنع عندي أن يقال يشترط بقاء أربعين سمعوا الخطبة فلا تستمر الجمعة إذا كان اللاحقون لم يسمعوها فأما إذا انفضوا ولحق أربعون على الاتصال فقد قال في الوسيط تستمر الجمعة لكن يشترط هنا أن يكون اللاحقون سمعوا الخطبة‏.‏

أما إذا انفضوا فنقص العدد في باقي الصلاة ففيه خمسة أقوال منصوصة ومخرجة أظهرها تبطل الجمعة ويشترط العدد في جميعها فعلى هذا لو أحرم الإمام وتبطأ المقتدون ثم أحرموا فإن تأخر تحرمهم عن ركوعه فلا جمعة وإن لم يتأخروا عن ركوعه فقال القفال تصح الجمعة

وقال الشيخ أبو محمد يشترط أن لا يطول الفصل بين إحرامه وإحرامهم وقال إمام الحرمين الشرط أن يتمكنوا من إتمام الفاتحة فإذا حصل ذلك لم يضر الفصل وهذا هو الأصح عند الغزالي‏.‏

والقول الثاني إن بقي اثنان مع الإمام أتم الجمعة وإلا بطلت والثالث إن بقي معه واحد لم تبطل وهذه الثلاثة منصوصة الأولان في الجديد والثالث القديم‏.‏

ويشترط في الواحد والاثنين كونهما بصفة الكمال وقال صاحب التقريب في اشتراط الكمال قلت هذا الاحتمال حكاه صاحب الحاوي وجها محققا لأصحابنا حتى لو بقيصبيان أو صبي كفى والصحيح اشتراط الكمال قال في النهاية احتمال صاحب التقريب غير معتد به والله أعلم‏.‏

والرابع لا تبطل وإن بقي واحدة‏.‏

والخامس إن كان الانفضاض في الركعة الأولى بطلت الجمعة وإن كان بعدها لم تبطل ويتم الإمام الجمعة وحده وكذا من معه إن بقي معه أحد‏.‏

الشرط الخامس الجماعة فلا تصح الجمعة بالعدد فرادى وشروط الجماعة على ما سبق في غير الجمعة ولا يشترط حضور السلطان ولا إذنه فيها وحكى في البيان قولا قديما إنها لا تصح إلا خلف الإمام أو من أذن له وهو شاذ منكر ثم لإمام الجمعة أحوال أحدها أن يكون عبدا أو مسافرا فإن تم به العدد لم تصح الجمعة وإن تم بغيره صحت على المذهب وقيل وجهان أصحهما الصحة والثاني البطلان هذا إذا صليا الجمعة قبل أن يصليا الظهر فإن كانا صليا ظهر يومهما فهما متنفلان بالجمعة وفي الجمعة خلفهما ما يأتي في المتنفل الحال الثاني أن يكون صبيا أو متنفلا فإن تم العدد به لم تصح وإن تم دونه صحت على الأظهر عند الأكثرين واتفقوا على أن الجواز في المتنفل أظهر منه في الصبي لأنه من أهل الفرض ولا نقص فيه‏.‏

وقيل تصح قطعا لأنه يصلي فرضا ولو صلوا خلف مسافر يقصر الظهر جاز إن قلنا إن الجمعة ظهر مقصورة وإن قلنا صلاة على حيالها فكالصبح‏.‏

الحال الرابع إذا بان الإمام بعد الصلاة جنبا أو محدثا فإن تم العدد به لم تصح وإن تم دونه فالأظهر الصحة نص عليه في الأم وصححه العراقيون وأكثر أصحابنا والثاني لا تصح لأن الجماعة شرط والإمام غير مصل بخلاف سائر الصلوات فإن الجماعة فيها ليست شرطا وغايته أنهم صلوها فرادى والمنع هنا أقوى منه في مسألة الاقتداء بالصبي وقال الأكثرون المرجحون للأول لا نسلم أن حدث الإمام يمنع صحة الجماعة وثبوت حكمها في حق المأموم الجاهل بحاله وقالوا لا يمنع نيل فضيلة الجماعة في سائر الصلوات ولا غيره من أحكام الجماعة وعلى الأظهر قال صاحب البيان لو صلى الجمعة بأربعين فبان أن المأمومين محدثون صحت صلاة الإمام بخلاف ما لو بانوا عبيدا أو نساء فإن ذلك مما يسهل الاطلاع عليه‏.‏

وقياس من يذهب إلى المنع 0 أن لا تصح جمعة الإمام لبطلان الجماعة‏.‏

الحال الخامس إذا قام الإمام في غير الجمعة إلى ركعة زائدة سهوا فاقتدى به إنسان فيها وأدرك جميع الركعة فإن كان عالما بسهوه لم تنعقد صلاته على الأصح وإن كان جاهلا حسبت له الركعة ويبني عليها بعد سلام الإمام وإن لم تكن تلك الركعة محسوبة للإمام كالمحدث بخلاف ما لو بان الإمام كافرا أو امرأة لأنهما ليسا أهلا للإمامة بحال وعلى الوجه الثاني لا تنعقد الصلاة ولا تحسب هذه الركعة للمأموم فلو جرى هذا في الجمعة فإن قلنا في غير الجمعة لا يدرك به الركعة لم يدرك به هنا الجمعة ولا تحسب عن الظهر أيضاً وإن قلنا يدركها في غير الجمعة فهل تحسب هذه الركعة عن الجمعة وجهان بناء على القولين في المحدث واختار ابن الحداد أنها لا تحسب‏.‏

واعلم أن الأصحاب لم يذكروا في المحدث إذا لم تحصل الجمعة أن صلاة المقتدي به منعقدة وإن المأتي به يحسب عن الظهر حتى لو تبين الحال قبل سلام الإمام أو بعده على قرب يتمها ظهرا إذا جوزنا بناء الظهر على الجمعة ومقتضى التسوية بين الفصلين الانعقاد والاحتساب عن الظهر‏.‏

فرع إذا أدرك المسبوق ركوع الإمام في ثانية الجمعة كان مدركا للجمعة فإذا سلم الإمام أتى بثانية وإذا أدركه بعد ركوعها لم يدرك الجمعة ويقوم بعد سلام الإمام إلى أربع للظهر وكيف ينوي هذا المدرك بعد الركوع وجهان‏.‏

أصحهما ينوي الجمعة موافقة للإمام والثاني الظهر لأنها الحاصلة فلو صلى مع الإمام ركعة ثم قام فصلى أخرى وعلم في التشهد أنه ترك سجدة من إحدى الركعتين نظر إن علمها من الثانية فهو مدرك للجمعة فيسجد سجدة ويعيد التشهد ويسجد للسهو ويسلم وإن علمها من الأولى أو شك لم يكن مدركا للجمعة وحصلت له ركعة من الظهر ولو أدركه في الثانية وشك هل سجد معه سجدة أم سجدتين فإن لم يسلم الإمام سجد بعد سجدة أخرى وكان مدركا للجمعة وان سلم الإمام لم يدرك الجمعة فيسجد ويتم الظهر اما اذا ادرك في غير الجمعة الإمام في الركوع غير محسوب كركوع الإمام المحدث وركوع الإمام الساهي بزيادة ركعة وقادلنا انه لو ادركها كلها حسبت فوجهان اصحهما لا يكون مدركاً للركعة والثاني يدركها فلو ادرك ركوع ثانية الجمعة فبان الإمام محدثاً وقلنا لو ادرك الركعة بكمالها مع المحدث في الجمعة حسبت فعلى هذين الوجهين الاصح لا يدرك الجمعة‏.‏

 فصل إذا خرج الإمام عن الصلاة بحدث

تعمده أو سبقه أو بسبب غيره أو بلا سبب فإن كان في غير الجمعة ففي جواز الاستخلاف قولان أظهرهما الجديد يجوز والقديم لا يجوز ولنا وجه أنه يجوز بلا خلاف في غير الجمعة وإنما القولان في الجمعة والمذهب طرد القولين في جميع الصلوات فإن لم نجوز الاستخلاف أتم القوم صلاتهم فرادى وإن جوزناه فيشترط كون الخليفة صالحا لإمامة القوم فلو استخلف لإمامة الرجال امرأة فهو لغو ولا تبطل صلاتهم إلا أن يقتدوا بها قال إمام الحرمين ويشترط حصول الاستخلاف على قرب فلو فعلوا على الانفراد ركنا امتنع الاستخلاف بعده وهل يشترط كون الخليفة ممن اقتدى بالإمام قبل حدثه قال الأكثرون من العراقيين وغيرهم إن استخلف في الركعة الأولى أو الثالثة من الرباعية من لم يقتد به جاز لأنه لا يخالفهم في الترتيب وإن استخلفه في الثانية أو الأخيرة لم يجز لأنه يحتاج إلى القيام ويحتاجون إلى القعود وأطلق جماعة اشتراط كون الخليفة ممن اقتدى به وبه قطع إمام الحرمين وزاد فقال لو أمر الإمام أجنبيا فتقدم لم يكن خليفة بل عاقد لنفسه صلاة جاز على ترتيب نفسه فيها فلو اقتدى به القوم فهو اقتداء منفردين في أثناء الصلاة وقد سبق الخلاف فيه في موضعه لأن قدوتهم انقطعت بخروج الإمام عن الصلاة ولا يشترط كون الخليفة مقتديا في الأولى بل يجوز استخلاف المسبوق ثم عليه مراعاة نظم صلاة الإمام فيقعد في موضع قعوده ويقوم في موضع قيامه كما كان يفعل لو لم يخرج عن الصلاة حتى لولحق الإمام في ثانية الصبح ثم أحدث الإمام فيها واستخلفه قنت وقعد فيها للتشهد ثم يقنت في الثانية لنفسه ولو سها قبل اقتدائه أو بعده سجد في آخر صلاة الإمام وأعاد في آخر صلاة نفسه على الأظهر وإذا تمت صلاة الإمام قام لتدارك ما عليه وهم بالخيار إن شاؤوا فارقوه وسلموا وإن شاؤوا صبروا جلوسا ليسلموا معه هذا كله إذا عرف المسبوق نظم صلاة الإمام فإن لم يعرف فقولان وقيل وجهان قلت أرجحهما دليلا أنه لا يصح وقال الشيخ أبو علي السنجي أصحهما جوازه والله أعلم فإن جوزنا راقب القوم إذا أتم الركعة فإن هموا بالقيام قام وإلا قعد وسهو الخليفة قبل حدث الإمام يحمله الإمام وسهوه بعده يقتضي السجود عليه وعلى القوم وسهو القوم قبل حدث الإمام وبعد الاستخلاف محمول وبينهما غير محمول بل يسجد الساهي بعد سلام الخليفة هذا كله في غير الجمعة‏.‏

أما الاستخلاف في الجمعة ففيه القولان فإن لم نجوزه فالمذهب أنه إن أحدث في الأولى أتم القوم صلاتهم ظهرا وإن أحدث في الثانية أتمها جمعة من أدرك معه ركعة ولنا قول أنهم يتمونها جمعة في الحالين ووجه أنهم يتمونها ظهرا في الحالين وإن جوزنا الاستخلاف نظر إن استخلف من لم يقتد به لم يصح ولم يكن لذلك الخليفة أن يصلي الجمعة لأنه لا يجوز ابتداء جمعة بعد جمعة وفي صحة ظهر هذا الخليفة خلاف مبني على أن الظهر هل تصح قبل فوات الجمعة أم لا فإن قلنا لا تصح فهل تبقى نفلا فيه القولان فإن قلنا لا تبقى فاقتدى به القوم بطلت صلاتهم فإن صححناها وكان ذلك في الركعة الأولى فلا جمعة لهم وفي صحة الظهر خلاف مبني على صحة الظهر بنية الجمعة وإن كان في الركعة الثانية واقتدوا به كان هذا اقتداء طارئاعلى الانفراد وفيه الخلاف الجاري في سائر الصلوات وفيه شيء آخر وهو الاقتداء في الجمعة بمن يصلي الظهر أو النافلة وفيه الخلاف المتقدم‏.‏

أما إذا استخلف من اقتدى به قبل الحدث فينظر إن لم يحضر الخطبة فوجهان أحدهما لا يصح استخلافه كما لو استخلف بعد الخطبة من لم يحضرها ليصلي بهم فإنه لا يجوز وأصحهما الجواز ونقل الصيدلاني في هذا الخلاف قولين المنع عن البويطي والجواز عن أكثر الكتب والخلاف في مجرد حضور الخطبة ولا يشترط استماعها بلا خلاف وصرح به الأصحاب وإن كان حضر الخطبة أو لم يحضرها وجوزنا استخلافه نظر إن استخلف من أدرك معه الركعة الأولى جاز وتمت لهم الجمعة سواء أحدث الإمام في الأولى أم الثانية وفي وجه شاذ ضعيف أن الخليفة يصلي الظهر والقوم يصلون الجمعة وإن استخلف من أدركه في الثانية قال إمام الحرمين إن قلنا لا يجوز استخلاف من لم يحضر الخطبة لم يجز استخلاف هذا المسبوق وإلا فقولان أظهرهما وبه قطع الأكثرون الجواز فعلى هذا يصلون الجمعة وفي الخليفة وجهان أحدهما يتمها جمعة والثاني وهو الصحيح المنصوص لا يتمها جمعة فعلى هذا يتمها ظهرا على المذهب وقيل قولان أحدهما يتمها ظهرا والثاني لا فعلى هذا هل تبطل أم تنقلب نفلا قولان فإن أبطلناها امتنع استخلاف المسبوق وإذا جوزنا الاستخلاف والخليفة مسبوق يراعي نظم صلاة الإمام فيجلس إذا صلى ركعة ويتشهد فإذا بلغ موضع السلام أشار إلى القوم وقام إلى ركعة أخرى إن قلنا إنه مدرك للجمعة وإلى ثلاث إن قلنا صلاته ظهر والقوم بالخيار إن شاؤوا فارقوه وسلموا وإن شاؤوا ثبتوا جالسين حتى يسلم بهم ولو دخل مسبوق واقتدى به في الركعة الثانية التي استخلف فيها صحت له الجمعة وإن لم تصح للخليفة نص عليه الشافعي رحمه الله قال الأصحاب هو تفريع على صحة الجمعة خلف مصلي الظهر وتصح جمعة الذين أدركوا مع الإمام الأول ركعة بكل حال لأنهم لو انفردوا بالركعة الثانية كانوا مدركين للجمعة فلا يضر اقتداؤهم فيها بمصلي الظهر أو النفل‏.‏

فرع هل تشترط نية القدوة بالخليفة في الجمعة وغيرها من الصلوات الأصح لا يشترط والثاني يشترط لأنهم بحدث الأول صاروا منفردين وإذا لم يستخلف الإمام قدم القوم واحدا بالإشارة ولو تقدم واحد بنفسه جاز وتقديم القوم أولى من استخلاف الإمام لأنهم المصلون قال إمام الحرمين ولو قدم الإمام واحدا والقوم آخر فأظهر الاحتمالين أن من قدمه القوم أولى قال الأصحاب ويجب على القوم تقديم واحد إن كان خروج الإمام في الركعة الأولى ولم يستخلف وإن كان في الثانية لم يجب التقديم ولهم الانفراد بها كالمسبوق وقد حكينا في الصورتين خلافا تفريعا على منع الاستخلاف فيتجه عليه الخلاف في وجوب التقديم وعدمه‏.‏

فرع هذا كله إذا أحدث في أثناء الصلاة فلو أحدث بين الخطبة والصلاة فأراد أن يستخلف من يصلي إن جوزنا الاستخلاف في الصلاة جاز وإلا فلا يجوز بل إن اتسع الوقت خطب بهم آخر وصلى وإلا صلوا الظهر وقال بعض الأصحاب إن جوزنا الاستخلاف في الصلاة فهنا أولى وإلا ففيه الخلاف وعكس الشيخ أبو محمد فقال إن لم نجوزه في الصلاة فهنا أولى وإلا ففيه الخلاف والمذهب استواؤهما ثم إذا جوزنا فشرطه أن يكون الخليفة سمع الخطبة على المذهب وبه قطع الجمهور لأن من لم يسمع ليس من أهل الجمعة ولهذا لو بادر أربعون من السامعين بعد الخطبة فعقدوا الجمعة انعقدت لهم بخلاف غيرهم وإنما يصير غير السامع من أهل الجمعة إذا دخل في الصلاة وحكى صاحب التتمة وجهين في استخلاف من لم يسمع ولو أحدث في أثناء الخطبة وشرطنا الطهارة فيها فهل يجوز الاستخلاف إن منعناه في الصلاة فرع لو صلى مع الإمام ركعة من الجمعة ثم فارقه بعذر أو لا تبطل الصلاة بالمفارقة أتمها جمعة كما لو أحدث الإمام‏.‏

فرع إذا تمت صلاة الإمام ولم تتم صلاة المأمومين فأرادوا استخلاف من يتم بهم ان لم نجوز الاستخلاف للامام لم يجز لهم والا فان كان في الجمعة بأن كانوا مسبوقين لم يجز لأن الجمعة لا تنشأ بعد جمعة وإن كان في غيرها بأن كانوا مسبوقين أو مقيمين وهو مسافر فالأصح المنع لأن الجماعة حصلت وإذا أتموا فرادى نالوا فضلها

 فصل إذا منعته الزحمة في الجمعة

السجود على الارض مع الإمام في الركعة الاولى نظر ان امكنه ان يسجد على ظهر انسان او رجله لزمه ذلك على الصحيح الذي قطع به الجمهور وفيه وجه شاذ يتخير إن شاء سجد على الظهر وإن شاء صبر ليسجد على الأرض ثم قال جماهير الأصحاب إنما يسجد على ظهر غيره إذا قدر على رعاية هيئة الساجدين بأن يكون على موضع مرتفع فإن لم يكن فالمأتي به ليس بسجود وفيه وجه ضعيف أنه لا يضر ارتفاع الظهر والخروج عن هيئة الساجدين للعذر وإذا تمكن من السجود على ظهر غيره فلم يسجد فهو تخلف بغير عذر على الأصح وعلى الثاني بعذر ولو لم يتمكن من السجود على الأرض ولا على الظهر فأراد أن يخرج عن المتابعة لهذا العذر ويتمها ظهرا ففي صحتها قولان لأنها ظهر قبل فوات الجمعة قال إمام الحرمين ويظهر منعه من الانفراد لأن إقامة الجمعة واجبة فالخروج منها عمدا مع توقع إدراكها لا وجه له فأما إذا دام على المتابعة فما يصنع فيه أوجه الصحيح أنه ينتظر التمكن والثاني يومىء السجود أقصى ما يمكنه كالمريض والثالث يتخير بيهما فإذا قلنا بالصحيح فله حالان أحدهما يتمكن من السجود قبل ركوع الإمام في الثانية والثاني لا يتمكن إلى ركوعه ففي الحال الأول يسجد عند تمكنه‏.‏

فإذا فرغ من سجوده فللإمام أحوال أربعة أحدها أن يكون بعد في القيام فيفتتح القراءة فإن أتمها ركع معه وجرى على متابعته ولا بأس بهذا التخلف للعذر وإن ركع الإمام قبل إتمامها فهل له حكم المسبوق وجهان وقد بينا حكم المسبوق في باب صلاة الجماعة‏.‏

قلت أصحهما عند الجمهور له حكمه والله أعلم‏.‏

الحال الثاني للإمام أن يكون في الركوع فالأصح عند الجمهور أنه يدع القراءة ويركع معه لأنه لم يدرك محلها فسقطت عنه كالمسبوق والثاني يلزمه قراءتها ويسعى وراء الإمام وهو متخلف بعذر‏.‏

الحال الثالث أن يكون فارغا من الركوع ولم يسلم فإن قلنا في الحال الثاني هو كالمسبوق تابع الإمام فيما هو فيه ولا يكون محسوبا له بل يقوم عند سلام الإمام إلى ركعة ثانية وإن قلنا ليس هو كالمسبوق اشتغل بترتيب صلاة نفسه وقيل يتعين متابعة الإمام قطعاً‏.‏

الحال الرابع أن يكون الإمام متحللا من صلاته فلا يكون مدركا للجمعة لأنه لم يتم له ركعة قبل سلام الإمام بخلاف ما لو رفع رأسه من السجود ثم سلم الإمام في الحال قال إمام الحرمين وإذا جوزنا له التخلف وأمرناه بالجريان على ترتيب صلاة نفسه فالوجه أن يقتصر على الفرائض فعساه يدرك الإمام ويحتمل أن يجوز الإتيان بالسنن مع الاقتصار على الوسط منها الحال الثاني للمأموم أن لا يتمكن من السجود حتى ركع الإمام في الثانية وفيه قولان أظهرهما يتابعه فيركع معه والثاني لا يركع معه بل يسجد ويراعي ترتيب صلاة نفسه فإن قلنا بالأول فتارة يوافق ما أمرناه وتارة يخالف فإن وافق وركع معه فأي الركوعين يحتسب وجهان وقيل قولان أصحهما عند الأصحاب بالركوع الأول والثاني بالثاني فإن قلنا بالثاني حصلت له الركعة الثانية بكمالها فإذا سلم الإمام ضم إليها أخرى وتمت جمعة بلا خلاف وإن قلنا بالأول حصلت ركعة ملفقة من ركوع الأولى وسجود الثانية وفي إدراك الجمعة بالملفقة وجهان أصحهما تدرك أما إذا خالف ما أمرناه فاشتغل بالسجود وترتيب نفسه فإن فعل ذلك مع علمه بأن واجبه المتابعة ولم ينو مفارقته بطلت صلاته ويلزمه الإحرام بالجمعة إن أمكنه إدراك الإمام في الركوع وإن نوى مفارقته فقد أخرج نفسه عن المتابعة بغير عذر وفي بطلان الصلاة به قولان سبقا فإن لم تبطل لم تصح جمعته وفي صحة ظهره خلاف مبني على أن الجمعة إذا تعذر إتمامها هل يجوز إتمامها ظهرا وعلى أن الظهر هل تصح قبل فوات الجمعة وإن فعل ذلك ناسيا أو جاهلا فما أتى به من السجود لا يعتد به ولا تبطل صلاته‏.‏

ثم إن فرغ والإمام بعد في الركوع لزمه متابعته فإن تابعه وركع معه فالتفريع كما سبق لو لم يسجد وإن لم يركع معه أو كان الإمام فرغ من الركوع نظر إن راعى ترتيب نفسه بأن قام بعد السجدتين وقرأ وركع وسجد فالمفهوم من كلام الأكثرين أنه لا يعتد له بشيء مما يأتي به على غير المتابعة‏.‏

وإذا سلم الإمام سجد سجدتين لتمام الركعة ولا يكون مدركا للجمعة لأن على هذا القول الذي عليه التفريع نأمره بالمتابعة بكل حال وكما لا يحسب له السجود والإمام راكع لكون فرضه المتابعة وجب أن لا يحسب والإمام في ركن بعد الركوع‏.‏

وقال الصيدلاني وإمام الحرمين والغزالي إذا فعل هذا المذكور تم له منهما جميعا ركعة لكن فيها نقصانان أحدهما التلفيق فإن ركوعها من الأولى وسجودها من الثانية وفي الملفقة الخلاف والثاني نقصها بالقدوة الحكمية فإنه لم يتابع الإمام في معظم ركعته متابعة حسية بل حكمية وفي إدراك الجمعة بالركعة الحكمية وجهان كالملفقة أصحهما الادراك وليس الخلاف في مطلق القدوة الحكمية فإن السجود في حال قيام الإمام ليس على حقيقة المتابعة ولا خلاف أن الجمعة تدرك به‏.‏

هذا كله إذا جرى على ترتيب نفسه بعد فراغه من السجدتين اللتين لم يعتد بهما فأما إذا فرغ منهما والإمام ساجد فتابعه في سجدتيه فهذا هو الذي نأمره به في هذه الحالة على هذا القول فتحسبان له ويكون الحاصل ركعة ملفقة وإن وجد الإمام في التشهد وافقه فإذا سلم سجد سجدتين وتمت له الركعة ولا جمعة له لأنه لم يتم له ركعة والإمام في الصلاة وكذا يفعل لو وجد قد سلم هذا كله إذا قلنا يتابع الإمام‏.‏

أما إذا قلنا لا يتابعه بل يسجد ويراعي ترتيب نفسه فله حالان‏.‏

أحدهما أن يخالف ما أمرناه فيركع مع الإمام فإن تعمد بطلت صلاته ويلزمه أن يحرم بالجمعة إن أمكنه إدراك الإمام في الركوع وإن كان ناسيا أو جاهلا يعتقد أن الواجب عليه الركوع مع الإمام لم تبطل صلاته ولم يعتد بركوعه فإذا سجد معه بعد الركوع حسبت له السجدتان على الصحيح وعلى الشاذ لا يعتد بهما فعلى الصحيح تحصل ركعة ملفقة وفي الادراك بها الوجهان الحال الثاني أن يوافق ما أمرناه فيسجد فهذه قدوة حكمية وفي الإدراك بها الوجهان فإذا فرغ من السجود فللإمام حالان أحدهما أن يكون فارغا من الركوع إما في السجود وإما في التشهد فوجهان أحدهما يجري على ترتيب نفسه فيقوم ويقرأ ويركع وأصحهما يلزمه متابعة الجمام فيما هو فيه فإذا سلم الإمام اشتغل بتدارك ما عليه وبهذا قطع كثير من أصحابنا العراقيين وغيرهم فعلى هذا لو كان الإمام عند فراغه من السجود قد هوى للسجود فتابعه فقد والى بين أربع سجدات فهل المحسوب لإتمام الركعة الأولى السجدتان الأوليان أم الأخريان وجهان أصحهما الأوليان والثاني الأخريان فعلى هذا يعود الخلاف في الملفقة‏.‏

الحال الثاني للإمام أن يكون راكعا بعد فهل عليه متابعته وتسقط عنه القراءة كالمسبوق أو يشتغل بترتيب صلاة نفسه فيقرأ وجهان كما ذكرنا تفريعا على القول الأول فعلى الأول يسلم معه وتتم جمعته وعلى الثاني يقرأ ويسعى ليلحقه وهو مدرك للجمعة‏.‏

فرع إذا لم يتمكن المزحوم من السجود حتى سجد الإمام في الثانية تابعه في السجود بلا خلاف فإن قلنا الواجب متابعة الإمام فالحاصل ركعة ملفقة وإلا فغير ملفقة أما إذا لم يتمكن من السجود حتى تشهد الإمام فيسجد ثم إن أدرك الإمام قبل السلام أدرك الجمعة وإلا فلا‏.‏

قلت قال إمام الحرمين لو رفع المزحوم رأسه من السجدة الثانية فسلم الإمام قبل أن يعتدل المزحوم ففيه احتمال قال والظاهر أهه مدرك للجمعة والله أعلم‏.‏

أما إذا كان الزحام في سجود الركعة الثانية وقد صلى الأولى مع الإمام فيسجد متى تمكن قبل سلام الإمام أو بعده وجمعته صحيحة فإن كان مسبوقا لحقه في الثانية فإن تمكن قبل سلام الإمام سجد وأدرك ركعة من الجمعة وإلا فلا جمعة له أما إذا زحم عن ركوع الأولى حتى ركع الإمام في الثانية فيركع قال الأكثرون ويعتد له بالركعة الثانية وتسقط الأولى ومنهم من قال الحاصل ركعة ملفقة‏.‏

فرع إذا عرضت حالة في الصلاة تمنع من وقوعها جمعة في صور وغيرها فهل تتم صلاته ظهرا قولان يتعلقان بأصل وهو أن الجمعة ظهر مقصورة أم صلاة على حيالها وفيه قولان اقتضاهما كلام قلت أظهرهما صلاة بحيالها والله أعلم‏.‏

فإن قلنا ظهر مقصورة فإذا فات بعض شروط الجمعة أتمها ظهرا كالمسافر إذا فات شرط قصره وإن قلنا فرض على حياله فهل يتمها وجهان والصحيح مطلقا أنه يتمها ظهرا لكن هل يشترط أن يقصد قلبها ظهرا أم تنقلب بنفسها ظهرا وجهان في النهاية‏.‏

قلت الأصح لا يشترط وهو مقتضى كلام الجمهور والله أعلم‏.‏

وإذا قلنا لا يتمها ظهرا فهل تبطل أم تبقى نفلا فيه القولان السابقان فيمن صلى الظهر قبل الزوال ونظائرها قال إمام الحرمين قول البطلان لا ينتظم تفريعه إذا أمرناه في صورة الزحام بشيء فامتثل فليكن ذلك مخصوصا بما إذا خالف‏.‏

فرع التخلف بالنسيان هل هو كالتخلف بالزحام قيل فيه وجهان أصحهما نعم لعذره والثاني لا لندوره وتفريطه والمفهوم من كلام الأكثرين أن فيه تفصيلا فإن تأخر سجوده عن سجدتي الإمام بالنسيان ثم سجد في حال قيام الإمام فحكمه كالزحام وكذا لو تأخر لمرض وإن بقي ذاهلا حتى ركع الإمام في الثانية فطريقان أحدهما كالمزحوم فيركع معه على قول ويراعي ترتيب نفسه قال الروياني هذا الطريق أظهر‏.‏

فرع الزحام يجري في جميع الصلوات وإنما يذكرونه في الجمعة لأن الزحمة فيها أكثر ولأنه يجتمع فيها وجوه من الأشكال لا يجري في غيرها مثل الخلاف في إدراك الجمعة بالملفقة والحكمية وبنائها على أنها ظهر مقصورة أم لا ولأن الجماعة فيها شرط ولا يمكن المفارقة ما دام يتوقع إدراك الجمعة بخلاف سائر الصلوات‏.‏

إذا عرفت ذلك فإذا زحم في سائر الصلوات فلم يمكنه السجود حتى ركع الإمام في الثانية فالمذهب أنه على القولين وقيل يركع معه قطعا وقيل يراعي ترتيب نفسه قطعاً‏.‏

الشرط السادس الخطبة فمن شرائط الجمعة تقديم خطبتين وأركان الخطبة خمسة أحدها حمد الله تعالى ويتعين لفظ الحمد والثاني الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتعين لفظ الصلاة وحكي في النهاية عن كلام بعض الأصحاب ما يوهم أنهما لا يتعينان ولم ينقله وجها مجزوما به الثالث الوصية بالتقوى وهل يتعين لفظ الوصية وجهان الصحيح المنصوص لا يتعين قال إمام الحرمين ولا خلاف أنه لا يكفي الاقتصار على التحذير من الاغترار بالدنيا وزخارفها فإن ذلك قد يتواصى به منكرو الشرائع بل لا بد من الحمل على طاعة الله تعالى والمنع من المعاصي ولا يجب في الموعظة كلام طويل بل لو قال أطيعوا الله كفى وأبدى الإمام فيه احتمالا ولا تردد في أن كلمتي الحمد والصلاة كافيتان ولو قال والصلاة على محمد أو على النبي أو رسول الله كفى‏.‏

ولو قال الحمد للرحمن أو الرحيم فمقتضى كلام الغزالي أنه لا يكفيه ولم أره مسطورا وليس هو ببعيد كما في كلمة التكبير ثم هذه الأركان الثلاثة لا بد منها في كل واحدة من الخطبتين ولنا وجه أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في إحداهما كافية وهو شاذ الرابع الدعاء للمؤمنين وهو ركن على الصحيح والثاني لا يجب وحكي عن نصه في الإملاء وإذا قلنا بالصحيح فهو مخصوص بالثانية فلو دعا في الأولى لم يحسب ويكفي ما يقع عليه الاسم قال إمام الحرمين وأرى أنه يجب أن يكون متعلقا بأمور الآخرة وأنه لا بأس بتخصيصه بالسامعين كأن يقول رحمكم الله الخامس قراءة القرآن وهي ركن على المشهور وقيل على الصحيح والثاني ليست بركن بل مستحبة فعلى الأول أقلها آية نص عليه الشافعي رحمه الله سواء كانت وعدا أو وعيدا أو حكما أو قصة قال إمام الحرمين ولا يبعد الاكتفاء بشطر آية طويلة ولا شك أنه لو قال ثم نظر لم يكف وإن عد آية بل يشترط كونها مفهمة واختلفوا في محل القراءة على ثلاثة أوجه أصحها ونص عليه في الأم تجب في إحداهما لا بعينها والثاني تجب فيهما والثالث تجب في الأول خاصة وهو ظاهر نصه في المختصر ويستحب أن يقرأ في الخطبة سورة ق‏.‏

قلت قال الدارمي يستحب أن تكون قراءة ق في الخطبة الأولى والمراد قراءتها بكمالها لاشتمالها على أنواع المواعظ والله أعلم‏.‏

ولو قرأ آية سجدة نزل وسجد فلو كان المنبر عاليا لو نزل لطال الفصل لم ينزل لكن يسجد عليه إن أمكنه وإلا ترك السجود فلو نزل وطال الفصل ففيه الخلاف المتقدم في الموالاة ولا تدخل القراءة في الأركان المذكورة حتى لو قرأ آية فيها موعظة وقصد إيقاعها عن الجهتين لم يجزىء ولا يجوز أن يأتي بآيات تشتمل على الأركان المطلوبة لأن ذلك لا يسمى خطبة ولو أتى ببعضها في ضمن آية لم يمتنع‏.‏

وهل يشترط كون الخطبة كلها بالعربية وجهان الصحيح اشتراطه فإن لم يكن فيهم من يحسن العربية خطب بغيرها ويجب أن يتعلم كل واحد منهم الخطبة العربية كالعاجز عن التكبير بالعربية فإن مضت مدة إمكان التعلم ولم يتعلموا عصوا كلهم ولا جمعة لهم‏.‏

فرع أحدها الوقت وهو ما بعد الزوال فلا يصح تقديم شيء منها عليه‏.‏

الثاني تقديم الخطبتين على الصلاة‏.‏

الثالث القيام فيهما مع القدرة فإن عجز عن القيام فالأولى أن يستنيب ولو خطب قاعدا أو مضطجعا للعجز جاز كالصلاة ويجوز الاقتداء به سواء قال لا أستطيع أو سكت لأن الظاهر أنه إنما قعد لعجزه فإن بان أنه كان قادرا فهو كما لو بان الإمام جنبا والنا وجه أنه تصح الخطبة قاعدا مع القدرة على القيام وهو شاذ‏.‏

الرابع الجلوس بينهما وتجب الطمأنينة فيه فلو خطب قاعدا لعجزه لم يضطجع بينهما للفصل بل يفصل بينهما بسكتة والسكتة واجبة على الأصح ولنا وجه شاذ أن القائم أيضاً يكفيه الفصل بينهما بسكتة‏.‏

الخامس هل يشترط في صحة الخطبة الطهارة عن الحدث والنجس في البدن والثوب والمكان وستر العورة قولان الجديد اشتراط كل ذلك ثم قيل الخلاف مبني على أنهما بدل من الركعتين أم لا وقيل على أن الموالاة في الخطبة شرط أم لا فإن شرطنا الموالاة شرطنا الطهارة وإلا فلا ثم قال صاحب التتمة يطرد الخلاف في اشتراط الطهارة عن الحدث الأصغر والجنابة وخصه صاحب التهذيب بالحدث الأصغر قال فأما الجنب فلا تحسب خطبته قولا واحدد لأن القراءة شرط ولا قلت الصحيح أو الصواب قول صاحب التتمة وقد جزم به الرافعي في المحرر وقطع الشيخ أبو حامد والماوردي وآخرون بأنه لو بان لهم بعد فراغ الجمعة أن إمامهم كان جنبا أجزأتهم ونقله أبو حامد والماوردي والأصحاب عن نصه في الأم والله أعلم‏.‏

ثم إذا شرطنا الطهارة فسبقه حدث في الخطبة لم يعتد بما يأتي به في حال الحدث وفي بناء غيره عليه الخلاف الذي سبق فلو تطهر وعاد وجب الاستئناف وإن طال الفصل وشرطنا الموالاة فإن لم يطل أو لم نشرط الموالاة فوجهان أصحهما الاستئناف‏.‏

السادس رفع الصوت فلو خطب سرا بحيث لم يسمع غيره لم تحسب على الصحيح المعروف وفي وجه تحسب وهو غلط فعلى الصحيح الشرط أن يسمع أربعين من أهل الكمال فلو رفع صوته قدر ما يبلغ ولكن كانوا كلهم أو بعضهم صما فوجهان الصحيح لا تصح كما لو بعدوا والثاني تصح كما لو حلف لا يكلم فلانا فكلمه بحيث يسمع فلم يسمع لصممه حنث وكما لو سمعوا الخطبة ولم يفهموا معناها فإنها تصح وينبغي للقوم أن يقبلوا بوجوههم إلى الإمام وينصتوا ويسمعوا والانصات هو السكوت والاستماع هو شغل السمع بالسماع وهل الإنصات فرض والكلام حرام فيه قولان القديم و الإملاء وجوب الانصات وتحريم الكلام والجديد أنه سنة والكلام ليس بحرام وقيل يجب الانصات قطعا والجمهور أثبتوا القولين وهل يحرم الكلام على الخطيب فيه طريقان المذهب لا يحرم قطعا والثاني على القولين ثم جميع هذا الخلاف في الكلام الذي لا يتعلق به غرض مهم ناجز فأما إذا رأى أعمى يقع في بئر أو عقربا تدب على إنسان فأنذره أو علم إنسانا شيئا من الخير أو نهاه عن منكر فهذا ليس بحرام بلا خلاف نص عليه الشافعي رحمه الله واتفق الأصحاب على التصريح به لكن يستحب أن يقتصر على الإشارة ولا يتكلم ما أمكن الاستغناء عنه هذا كله في الكلام في أثناء الخطبة ويجوز الكلام قبل ابتداء الإمام بالخطبة وبعد الفراغ منهما فأما في الجلوس بين الخطبتين فطريقان قطع صاحب المهذب والغزالي بالجواز وأجرى المحاملي وابن الصباغ وآخرون فيه الخلاف ويجوز للداخل في أثناء الخطبة أن يتكلم ما لم يأخذ لنفسه مكانا والقولان فيما بعد قعوده‏.‏

فرع إذا قلنا بالقديم فينبغي للداخل في أثناء الخطبة أن لا يسلم فإن سلم حرمت إجابته باللفظ ويستحب بالإشارة كما في الصلاة وفي تشميت العاطس ثلاثة أوجه الصحيح المنصوص تحريمه كرد السلام والثاني استحبابه والثالث يجوز ولا يستحب ولنا وجه أنه يرد السلام لأنه واجب ولا يشمت العاطس لأنه سنة فلا يترك لها الانصات الواجب وفي وجوب الانصات على من لا وأصحهما يجب نص عليه وقطع به كثيرون وقالوا البعيد بالخيار بين الانصات وبين الذكر والتلاوة ويحرم عليه كلام الآدميين كما يحرم على القريب هذا تفريع على القديم فأما إذا قلنا بالجديد فيجوز رد السلام والتشميت بلا خلاف‏.‏

ثم رد في السلام ثلاثة أوجه أصحها عند صاحب التهذيب وجوبه والثاني استحبابه والثالث جوازه بلا استحباب وقطع إمام الحرمين بأنه لا يجب الرد والأصح استحباب التشميت وحيث حرمنا الكلام فتكلم أثم ولا تبطل جمعته بلا خلاف‏.‏

فرع قال الغزالي هل يحرم الكلام على من عدا الأربعين فيه القولان وهذا التقدير بعيد في نفسه ومخالف لما نقله الأصحاب أما بعده في نفسه فلأن كلامه مفروض في السامعين للخطبة وإذا حضر جماعة يزيدون على أربعين فلا يمكن أن يقال تنعقد الجمعة بأربعين منهم على التعيين فيحرم الكلام عليهم قطعا والخلاف في حق الباقين بل الوجه الحكم بانعقاد الجمعة بهم أو بأربعين منهم لا على التعيين وأما مخالفته لنقل الأصحاب فإنك لا تجد للأصحاب إلا إطلاق قولين في السامعين ووجهين في حق غيرهم كما سبق‏.‏

إذا صعد الخطيب المنبر فينبغي لمن ليس في صلاة من الحاضرين ألا يفتتحها سواء كان صلى السنة أم لا ومن كان في صلاة خففها والفرق بين الكلام حيث قلنا لا بأس به وإن صعد المنبر ما لم تبتدىء الخطبة وبين الصلاة انقطع الكلام هين متى ابتدأ الخطيب الخطبة بخلاف الصلاة فإنه قد يفوت سماع أول الخطبة إلى أن يتمها‏.‏

قلت وسواء في المنع من افتتاح الصلاة في حال الخطبة من يسمعها وغيره والله أعلم‏.‏

ولو دخل في أثناء الخطبة استحب له أن يصلي التحية ويخففها فلو كان ما صلى السنة صلاها وحصلت التحية ولو دخل والإمام في آخر الخطبة لم يصل لئلا يفوته أول الجمعة مع الإمام وسواء في استحباب التحية قلنا يجب الانصات أم لا‏.‏

فرع في أمور اختلف في إيجابها في الخطبة منها كونها بالعربية وتقدم بيانه ومنها نية الخطبة وفرضيتها اشترطهما القاضي حسين ومنها الترتيب بين الكلمات الثلاث فأوجب صاحب التهذيب وغيره أن يبدأ بالحمد ثم الصلاة ثم الوصية ولا ترتيب بين القراءة والدعاء ولا بينهما وبين غيرهما وقطع صاحب العدة وآخرون بأنه لا يجب في شيء من الألفاظ أصلا قالوا لكن الأفضل الرعاية‏.‏

قلت قطع صاحب الحاوي وكثيرون من العراقيين بأنه لا يجب الترتيب ونقله في الحاوي عن نص الشافعي رحمه الله وهو الأصح والله أعلم‏.‏

فرع في سنن الخطبة فمنها أن يكون على منبر والسنة أن يكون على يمين الموضع الذي يصلي فيه الإمام ويكره المنبر الكبير الذي يضيق على المصلين إذا لم يكن المسجد متسع الخطة فإن لم يكن منبر خطب على موضع مرتفع ومنها أن يسلم على من عند المنبر إذا انتهى إليه ومنها إذا بلغ في صعوده الدرجة التي تلي موضع القعود ويسمى ذلك الموضع المستراح أقبل على الناس بوجهه وسلم عليهم ومنها أن يجلس بعد السلام على المستراح ومنها أنه إذا جلس اشتغل المؤذن بالآذان ويديم الإمام الجلوس إلى فراغ المؤذن قال صاحب الإفصاح والمحاملي المستحب أن يكون المؤذن للجمعة واحدا وأشار إليه الغزالي وفي كلام بعض أصحابنا إشعار باستحباب تعديد المؤذنين ومنها أن تكون الخطبة بليغة غير مؤلفة من الكلمات المبتذلة ولا من الكلمات الغريبة الوحشية بل قريبة من الأفهام ومنها أن لا يطولها ولا يخففها بل تكون متوسطة ومنها أن يستدبر القبلة ويستقبل الناس في خطبتيه ولا يلتفت يمينا ولا شمالا ولو قلت وطرد الدارمي هذا الوجه فيما إذا استدبروه أو خالفوه وهو الهيئة المشروعة في ذلك والله أعلم‏.‏

ومنها أنه يستحب أن يكون جلوسه بين الخطبتين قدر سورة الإخلاص نص عليه وفيه وجه أنه يجب هذا القدر وحكي عن نصه ومنها أن يعتمد على سيف أو عصا أو نحوهما قال في التهذيب يقبضه بيده اليسرى ولم يذكر الأكثرون بإيتهما يقبضه‏.‏

قلت قال القاضي حسين في تعليقه كما قال في التهذيب والله أعلم‏.‏

ويشغل يده الأخرى بحرف المنبر فإن لم يجد شيئا سكن يديه وجسده بأن يجعل اليمنى على اليسرى أو يقرهما مرسلتين والغرض أن يخشع ولا يعبث بهما ومنها أنه ينبغي للقوم أن يقبلوا على الخطيب مستمعين لا يشتغلون بشيء آخر حتى يكره الشرب للتلذذ ولا بأس به للعطش لا للخطيب ولا للقوم ومنها أن يأخذ في النزول بعد الفراغ ويأخذ المؤذن في الاقامة ويبتدر ليبلغ المحراب مع فراغ المقيم‏.‏

قلت يكره في الخطبة أمور ابتدعها الجهلة منها التفاتهم في الخطبة الثانية والدق على درج المنبر في صعوده والدعاء إذا انتهى إلى صعوده قبل أن يجلس وربما توهموا أنها ساعة الإجابة وهذا جهل فإن ساعة الإجابة إنما هي بعد جلوسه كما سيأتي إن شاء الله تعالى ومنها المجازفة في أوصاف السلاطين في الدعاء لهم وأما أصل الدعاء للسلطان فقد ذكر صاحب المهذب وغيره أنه مكروه والاختيار أنه لا بأس به إذا لم يكن فيه مجازفة في وصفه ولا نحو ذلك فإنه يستحب الدعاء بصلاح ولاة الأمر ومنها مبالغتهم في الاسراع في الخطبة الثانية وأما الاحتباء والإمام يخطب فقال صاحب البيان لا يكره والصحيح أنه مكروه فقد صح في سنن أبي داود والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الاحتباء والإمام يخطب قال الترمذي حديث حسن وقال الخطابي من أصحابنا نهى عنه لأنه يجلب النوم فيعرض طهارته للنقض ويمنعه استماع الخطبة‏.‏

ويستحب إذا كان المنبر واسعا أن يقوم على يمينه قاله القاضي حسين وصاحب التهذيب ويكره للخطيب أن يشير بيده قال في التهذيب يستحب أن يختم الخطبة بقوله استغفر الله لي ولكم وذكر صاحبا العدة و البيان أنه يستحب للخطيب إذا وصل المنبر أن يصلي تحية المسجد ثم يصعده وهذا الذي قالاه غريب وشاذ ومردود فإنه خلاف ظاهر المنقول عن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ومن بعدهم ولو أغمي على الخطيب قال في التهذيب في بناء غيره على خطبته القولان في الاستخلاف في الصلاة فإن لم نجوزه استؤنفت الخطبة وإن جوزناه اشترط أن يكون الذي يبني سمع أول الخطبة هذا كلامه في التهذيب

 الباب الثاني فيمن تلزمه الجمعة

لوجوبها خمسة شروط أحدها التكليف فلا جمعة على صبي ولا مجنون‏.‏

قلت والمغمى عليه كالمجنون بخلاف السكران فإنه يلزمه قضاؤها ظهرا كغيرها والله أعلم‏.‏

الثاني الحرية فلا جمعة على عبد قن أو مدبر أو مكاتب‏.‏

قلت ويستحب إذا أذن السيد حضورها ولا يجب والله أعلم‏.‏

الثالث الذكورة فلا جمعة على امرأة ولا خنثى‏.‏

الرابع الإقامة فلا جمعة على مسافر لكن يستحب له وللعبد وللصبي حضورها إذا أمكن الخامس الصحة فلا جمعة على مريض ولو فاتت بتخلفه لنقصان العدد ثم من لا تجب عليه لا تنعقد به إلا المريض وفيه أيضاً قول شاذ قدمناه في الشرط الرابع للجمعة وفي معنى المرض أعذار تأتي قريبا إن شاء الله تعالى ولكن تنعقد لجميعهم ويجزيهم عن الظهر إلا المجنون فلا يصح فعله ثم إذا حضر الصبيان والنساء والعبيد والمسافرون الجامع فلهم الانصراف ويصلون الظهر وخرج صاحب التلخيص وجها في العبد أنه تلزمه الجمعة إذا حضر وقال في النهاية وهذا غلط باتفاق الأصحاب فأما المريض فقد أطلق كثيرون أنه لا يجوز له الانصراف بعد حضوره بل تلزمه الجمعة وقال إمام الحرمين إن حضر قبل الوقت فله الانصراف وإن دخل الوقت وقامت الصلاة لزمته الجمعة فإن كان يتخلل زمن بين دخول الوقت والصلاة فإن لم يلحقه مزيد مشقة في الانتظار لزمه وإلا فلا وهذا التفصيل حسن ولا يبعد أن يكون كلام المطلقين منزلا عليه وألحقوا بالمرضى أصحاب الأعذار الملحقة بالمرض وقالوا إذا حضروا لزمتهم الجمعة ولا يبعد أن يكونوا على التفصيل المذكور أيضاً إن لم يزد ضرر المعذور بالصبر إلى إقامة الجمعة فالأمر كذلك وإلا فله الانصراف وإقامة الظهر في منزله هذا كله إذا لم يشرعوا في الجمعة فإن أحرم الذين لا تلزمهم الجمعة بالجمعة ثم أرادوا الانصراف قال في البيان لا يجوز ذلك للمسافر والمريض وفي العبد والمرأة وجهان حكاهما الصيمري‏.‏

قلت الأصح أنه لا يجوز لهما لأن صلاتهما انعقدت عن فرضهما فيتعين إتمامها وقد قدمنا أن من دخل في فرض لأول الوقت لزمه إتمامه على المذهب والمنصوص فهنا أولىوالله أعلم‏.‏

فرع كل ما أمكن تصوره في الجمعة من الأعذار المرخصة في ترك يرخص في ترك الجمعة أما الوحل الشديد ففيه ثلاثة أوجه الصحيح أنه عذر في ترك الجمعة والجماعة والثاني لا والثالث في الجماعة دون الجمعة حكاه صاحب العدة وقال به أفتى أئمة طبرستان أما التمريض فإن كان للمريض من يتعهده ويقوم بأمره نظر إن كان قريبا وهو مشرف على الموت أو غير مشرف لكن يستأنس به فله التخلف عن الجمعة ويحضر عنده وإن لم يكن استئناس فليس له التخلف على الصحيح وإن كان أجنبيا لم يجز التخلف بحال والمملوك والزوجة وكل من له مصاهرة والصديق كالقريب وإن لم يكن للمريض متعهد فقال إمام الحرمين إن كان يخاف عليه الهلاك لو غاب عنه فهو عذر سواء كان المريض قريبا أو أجنبيا لأن انقاذ المسلم من الهلاك فرض كفاية وإن كان يلحقه ضرر ظاهر لا يبلغ دفعه مبلغ فروض الكفايات ففيه أوجه أصحها أنه عذر أيضاً والثاني لا والثالث أنه عذر في القريب دون الأجنبي ولو كان له متعهد لكن لم يفرغ لخدمته لاشتغاله بشراء الأدوية أو الكفن وحفر القبر إذا كان منزولا به فهو كما لو لم يكن متعهد‏.‏

فرع يجب على الزمن الجمعة إذا وجد مركوبا ملكا أو بإجارة أو ولم يشق عليه الركوب وكذا الشيخ الضعيف ويجب على الأعمى إذا وجد قائدا متبرعا أو بأجرة وله مال وإلا فقد أطلق الأكثرون فرع من بعضه حر وبعضه عبد لا جمعة عليه وفيه وجه شاذ بينه وبين سيده مهايأة لزمه الجمعة الواقعة في نوبته ولا تنعقد به بلا خلاف‏.‏

فرع الغريب إذا قام ببلد واتخذه وطنا صار له حكم أهله في وانعقادها به وإن لم يتخذه وطنا بل عزمه الرجوع إلى بلده بعد مدة يخرج بها من كونه مسافرا قصيرة أو طويلة كالتاجر والمتفقه لزمه الجمعة ولا تنعقد به على الأصح‏.‏

فرع القرية إذا كان فيها أربعون من أهل الكمال لزمهم الجمعة فإن أقاموها في قريتهم فذاك وإن دخلوا المصر فصلوها فيه سقط الفرض عنهم وكانوا مسيئين لتعطيلهم الجمعة في قريتهم وفيه وجه آخر أنهم غير مسيئين لأن أبا حنيفة لا يجوز جمعة في قرية ففيما فعلوه خروج من الخلاف وهو ضعيف وإن لم يكن فيها أربعون من أهل الكمال فلهم حالان أحدهما يبلغهم النداء من موضع تقام فيه جمعة من بلد أو قرية فتجب عليهم الجمعة والمعتبر نداء مؤذن عالي الصوت يقف على طرف البلد من الجانب الذي يلي تلك القرية ويؤذن على عادته والأصوات هادئة والرياح راكدة فإذا سمع صوته من القرية من أصغى إليه ولم يكن أصم ولا جاوز سمعه حد العادة وجبت الجمعة على أهلها وفي وجه المعتبر أن يقف المؤذن في وسط البلد ووجه يقف في الموضع الذي تقام فيه الجمعة وهل يعتبر أن يقف على موضع عال كمنارة أو سور وجهان قال الأكثرون لا يعتبر وقال القاضي أبو الطيب سمعت شيوخنا يقولون لا يعتبر إلا بطبرستان فإنها بين أشجار وغياض تمنع بلوغ الصوت أما إذا كانت قرية على قلة جبل يسمع أهلها النداء لعلوها بحيث لو كانت على استواء الأرض لما سمعوا أو كانت قرية في وهدة من الأرض لا يسمع أهلها النداء لانخفاضها بحيث لو كانت على استواء لسمعوا فوجهان أصحها وبه قال القاضي أبو الطيب لا تجب الجمعة في الصورة الأولى وتجب في الثانية اعتبارا بتقدير الاستواء والثاني وبه قال الشيخ أبو حامد عكسه اعتبارا بنفس السماع أما إذا لم يبلغ النداء أهل القرية فلا جمعة عليهم وأما أهل الخيام إذا لزموا موضعا ولم يفارقوه وقلنا لا يصلون الجمعة موضعهم فهم كأهل القرى وإذ لم يبلغوا أربعين إن سمعوا النداء لزمتهم الجمعة وإلا فلا‏.‏

قلت وإذا سمع أهل القرية الناقصون عن الأربعين النداء من بلدين فأيهما حضروا جاز والأولى حضور أكثرهما جماعة والله أعلم‏.‏

العذر المبيح ترك الجمعة يبيحه وإن طرأ بعد الزوال إلا السفر فإنه يحرم إنشاؤه بعد الزوال وهل يجوز بعد الفجر وقبل الزوال قولان قال في القديم وحرملة يجوز وفي الجديد لا يجوز وهو الأظهر عند العراقيين وقيل يجوز قولا واحدا هذا في السفر المباح أما الطاعة واجبا كان كالحج أو مندوبا فلا يجوز بعد الزوال وأما قبله فقطع كثير من أئمتنا بجوازه ومقتضى كلام العراقيين أنه على الخلاف كالمباح وحيث قلنا يحرم فله شرطان‏.‏

أحدهما أننا ينقطع عن الرفقة ولا يناله ضرر في تخلفه للجمعة فإن انقطع وفات سفره بذلك أو ناله ضرر فله الخروج بعد الزوال بلا خلاف كذا قاله الأصحاب وقال الشيخ أبو حاتم القزويني في جوازه بعد الزوال لخوف الانقطاع عن الرفقة وجهان‏.‏

الشرط الثاني أن لا يمكنه صلاة الجمعة في منزله أو طريقه فإن أمكنت فلا منع بحال‏.‏

قلت تحريم السفر المباح والطاعة قبل الزوال وحيث حرمناه بعد الزوال فسافر كان عاصيا فلا يترخص ما لم تفت الجمعة ثم حيث كان فواتها يكون ابتداء سفره قاله القاضي حسين وصاحب التهذيب وهو ظاهر والله أعلم‏.‏

فرع المعذورون في ترك الجمعة ضربان‏.‏

أحدهما يتوقع زوال عذره كالعبد والمريض يتوقع الخفة فيستحب له تأخير الظهر إلى اليأس من إدراك الجمعة لاحتمال تمكنه منها ويحصل اليأس برفع الإمام رأسه من الركوع الثاني على الصحيح وعلى الشاذ يراعى تصور الإدراك في حق كل واحد فإذا كان منزله بعيدا فانتهى الوقت إلى حد لو أخذ في السعي لم يدرك الجمعة حصل الفوات في حقه الضرب الثاني من لا يرجو زوال عذره كالمرأة والزمن فالأولى أن يصلي الظهر في أول الوقت لفضيلة الأولية‏.‏

قلت هذا اختيار أصحابنا الخراسانيين وهو الأصح وقال العراقيون هذا الضرب كالأول فيستحب لهم تأخير الظهر لأن الجمعة صلاة الكاملين فقدمت والاختيار التوسط فيقال إن كان هذا الشخص جازما بأنه لا يحضر الجمعة وإن تمكن منها استحب تقديم الظهر وإن كان لو تمكن أو نشط حضرها استحب التأخير كالضرب الأول والله أعلم‏.‏

وإذا اجتمع معذورون استحب لهم الجماعة في ظهرهم على الأصح قال الشافعي رحمه الله واستحب لهم إخفاء الجماعة لئلا يتهموا قال الأصحاب هذا إذا كان عذرهم خفيا فإن كان ظاهرا فلا تهمة ومنهم من استحب الاخفاء مطلقا ثم إذا صلى المعذور الظهر قبل فوات الجمعة صحت ظهره فلو زال عذره وتمكن من الجمعة لم تلزمه إلا في الخنثى إذا صلى الظهر ثم بان رجلا وتمكن من الجمعة فتلزمه والمستحب لهؤلاء حضور الجمعة بعد فعلهم الظهر فإن صلوا الجمعة ففرضهم الظهر على الأظهر وعلى الثاني يحتسب الله تعالى بما شاء أما إذا زال العذر في أثناء الظهر فقال القفال هو كرؤية المتيمم الماء في الصلاة وهذا يقتضي خلافا في بطلان الظهر كالخلاف في بطلان صلاة المتيمم‏.‏

وذكر الشيخ أبو محمد وجهين هنا والمذهب استمرار صحة الظهر وهذا الخلاف تفريع على إبطال ظهر غير المعذور إذا صلاها قبل فوات وقت الجمعة فإن لم نبطلها فالمعذور أولى M0ر من لا عذر له إذا صلى الظهر قبل فوات الجمعة لم الجديد وهو الأظهر وتصح على القديم ثم قال الأصحاب القولان مبنيان على أن الفرض الأصلي يوم الجمعة ماذا فالجديد أنه الجمعة والقديم أنه الظهر وأن الجمعة بدل ثم قال أبو إسحق المروزي لو ترك جميع أهل البلدة الجمعة وصلوا الظهر أثموا كلهم وصحت ظهرهم على القولين وإن الخلاف في ترك آحادهم الجمعة مع إقامتها بجماعة والصحيح الذي قاله غيره أنه لا فرق وأن ظهرها لا تصح على الجديد لأنهم صلوها وفرض الجمعة متوجه إليهم‏.‏

فإذا فرعنا على الجديد في أصل المسألة فالأمر بحضور الجمعة قائم فإن حضرها فذاك وإن فاتت قضى الظهر وهل يكون ما فعله أولا باطلا أم تنقلب نفلا فيه القولان في نظائره ومعنى صحة الظهر الاعتداد بها في الجمعة بحيث لو فاتت الجمعة أجزأته‏.‏

وقيل في سقوط الأمر بحضور الجمعة قولان وبهذا قطع إمام الحرمين والغزالي فإن قلنا لا يسقط الأمر أو قلنا يسقط فصلى الجمعة ففي الفرض منهما طريقان‏.‏

أحدهما الفرض أحدهما لا بعينه ويحتسب الله تعالى بما شاء منهما‏.‏

والطريق الثاني فيه أربعة أقوال أحدها الفرض الظهر والثاني الجمعة والثالث كلاهما فرض والرابع أحدهما لا بعينه كالطريق الأول هذا كله إذا صلى الظهر قبل فوات الجمعة فإن صلاها بعد ركوع الإمام في الثانية وقبل سلامه فقال ابن الصباغ ظاهر كلام الشافعي بطلانها يعني على الجديد ومن أصحابنا من جوزها وإذا امتنع أهل البلدة جميعا من الجمعة وصلوا الظهر فالفوات بخروج الوقت أو ضيقه بحيث لا يسع إلا الركعتين‏.‏

 الباب الثالث في كيفية إقامة الجمعة

بعد شرائطها الجمعة ركعتان كغيرها في الأركان وتمتاز بأمور مندوبة أحدها الغسل يوم الجمعة سنة ووقته بعد الفجر على المذهب وانفرد في النهاية بحكاية وجه أنه يجزىء قبل الفجر كغسل العيد وهو شاذ منكر ويستحب تقريب الغسل من الرواح إلى الجمعة ثم الصحيح إنما يستحب لمن يحضر الجمعة والثاني يستحب لكل أحد كغسل العيد فإذا قلنا بالصحيح فهو مستحب لكل حاضر سواء من تجب عليه وغيره‏.‏

قلت وفيه وجه أنه إنما يستحب لمن تجب عليه وحضرها ووجه لمن تجب عليه وإن لم يحضرها لعذر والله أعلم‏.‏

ولو أحدث بعد الغسل لم يبطل الغسل فيتوضأ‏.‏

قلت وكذا لو أجنب بجماع أو غيره لا يبطل فيغتسل للجنابة والله أعلم‏.‏

قال الصيدلاني وعامة الأصحاب إذا عجز عن الغسل لنفاد الماء بعد الوضوء أو لقروح في بدنه تيمم وحاز الفضيلة قال إمام الحرمين هذا الذي قالوه هو الظاهر وفيه احتمال ورجح الغزالي هذا الاحتمال‏.‏

فرع من الأغسال المسنونة أغسال الحج وغسل العيدين ويأتي في مواضعها وأما الغسل من غسل الميت ففيه قولان القديم أنه واجب وكذا الوضوء من مسه والجديد استحبابه وهو المشهور فعلى هذا غسل الجمعة والغسل من غسل الميت آكد الأغسال المسنونة وأيهما آكد قولان الجديد الغسل من غسل الميت آكد والقديم غسل الجمعة وهو الراجح عند صاحب التهذيب والروياني والأكثرين ورجح صاحب المهذب وآخرون الجديد وفي وجه هما سواء‏.‏

قلت الصواب الجزم بترجيح غسل الجمعة لكثرة الأخبار الصحيحة فيه وفيها الحث العظيم عليه كقوله صلى الله عليه وسلم غسل الجمعة واجب وقوله صلى الله عليه وسلم من جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل وأما الغسل من غسل الميت فلم يصح فيه شيء أصلا‏.‏

ثم من فوائد الخلاف ولو حضر إنسان معه ماء يدفعه لأحوج الناس وهناك رجلان أحدهما يريده لغسل الجمعة والآخر للغسل من غسل الميت والله أعلم‏.‏

وأما الكافر إذا أسلم فإن كان وجب عليه غسل بجنابة أو حيض لزمه الغسل ولا يجزئه غسله في الكفر على الأصح كما سبق في موضعه وإلا استحب له الغسل للإسلام وقال ابن المنذر يجب ووقت الغسل بعد الإسلام على الصحيح وعلى الوجه الضعيف يغتسل قبل الإسلام‏.‏

قلت هذا الوجه غلط صريح والعجب ممن حكاه فكيف بمن قاله وقد أشبعت القول في إبطاله والشناعة على قائله في شرح المهذب وكيف يؤمر بالبقاء على الكفر ليفعل غسلا لا يصح منه ومن الأغسال المسنونة الغسل للافاقة من الجنون والاغماء وقد تقدم في باب الغسل حكاية وجه في وجوبهما والصحيح أنهما سنة ومنها الغسل من الحجامة والخروج من الحمام ذكر صاحب التلخيص عن القديم استحبابهما والأكثرون لم يذكروهما قال صاحب التهذيب قيل المراد بغسل الحمام إذا تنور قال وعندي أن المراد به أن يدخل الحمام فيعرق فيستحب أن لا يخرج من غير غسل‏.‏

قلت وقيل الغسل من الحمام هو أن يصب عليه ماء عند إرادته الخروج تنظفا كما اعتاده الخارجون منه والمختار الجزم باستحباب الغسل من الحجامة والحمام فقد نقل صاحب جمع الجوامع في منصوصات الشافعي أنه قال أحب الغسل من الحجامة والحمام وكل أمر غير الجسد وأشار الشافعي إلى أن حكمته أن ذلك يغير الجسد ويضعفه والغسل يشده وينعشه قال أصحابنا يستحب الغسل لكل اجتماع وفي كل حال تغير رائحة البدن والله أعلم‏.‏

الأمر الثاني استحباب البكور إلى الجامع والساعة الأولى أفضل من الثانية ثم الثالثة فما بعدها وتعتبر الساعات من طلوع الفجر على الأصح وعلى الثاني من طلوع الشمس والثالث من الزوال ثم ليس المراد على الأوجه بالساعات الأربع والعشرين بل ترتيب الدرجات وفضل السابق على الذي يليه لئلا يستوي في الفضيلة رجلان جاءا في طرفي ساعة‏.‏

والأمر الثالث التزين فيستحب التزين للجمعة بأخذ الشعر والظفر والسواك وقطع الرائحة الكريهة ويلبس أحسن الثياب وأولاها البيض فإن لبس مصبوغا فما صبغ غزله ثم نسج كالبرد لا ما صبغ منسوجا ويستحب أن يتطيب بأطيب ما عنده ويستحب أن يزيد الإمام في حسن الهيئة ويتعمم ويرتدي ويستحب لكل من قصد الجمعة المشي على سكينة ما لم يضق الوقت ولا يسعى إليها ولا إلى غيرها من الصلوات ولا يركب في جمعة ولا عيد ولا جنازة ولا عيادة مريض إلا لعذر وإذا ركب سيرها على سكون‏.‏

الأمر الرابع يستحب أن يقرأ في الركعة الأولى من صلاة الجمعة بعد الفاتحة سورة الجمعة وفي الثانية المنافقين وفي قول قديم إنه يقرأ في الأولى سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية هل أتاك حديث الغاشية‏.‏

قلت عجب من الإمام الرافعي رحمه الله كيف جعل المسألة ذات قولين قديم وجديد والصواب أنهما سنتان فقد ثبت كل ذلك في صحيح مسلم من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يقرأ هاتين في وقت وهاتين في وقت ومما يؤيد ما ذكرته أن الربيع رحمه الله وهو راوي الكتب الجديدة قال سألت الشافعي رحمه الله عن ذلك فذكر أنه يختار الجمعة و المنافقين ولو قرأ سبح و هل أتاك كان حسنا والله أعلم‏.‏

فلو نسي سورة الجمعة في الأولى قرأها مع المنافقين في الثانية ولو قرأ المنافقين في الأولى قرأ الجمعة في الثانية‏.‏

قلت ولا يعيد المنافقين في الثانية وقوله لو نسي الجمعة في الأولى معناه تركها سواء كان ناسيا أو عامدا أو جاهلا والله أعلم‏.‏

فرع ينبغي للداخل أن يحترز عن تخطي رقاب الناس إلا إذا كان أو كان بين يديه فرجة لا يصلها بغير تخط ولا يجوز أن يقيم أحدا ليجلس موضعه ويجوز أن يبعث من يأخذ له موضعا فإذا جاء ينحي المبعوث وإن فرش لرجل ثوب فجاء آخر لم يجز أن يجلس عليه وله أن ينحيه ويجلس مكانه قال في البيان ولا يرفعه لئلا يدخل في ضمانه ويستحب لمن حضر قبل الخطبة أن يشتغل بذكر الله عز وجل وقراءة القرآن والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستحب الإكثار منها يوم الجمعة وليلة الجمعة ويكثر الدعاء يومها رجاء أن يصادف ساعة الإجابة‏.‏

قلت اختلف في ساعة الإجابة على مذاهب كثيرة والصواب منها ما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة والله أعلم‏.‏

ويستحب قراءة سورة الكهف يومها وليلتها ولا يصل صلاة الجمعة بصلاة بل يفصل بالتحول إلى مكان أو بكلام ونحوه‏.‏

فرع يكره البيع بعد الزوال وقبل الصلاة فإذا ظهر الإمام على المنبر وشرع المؤذن في الأذان حرم البيع ولو تبايع اثنان أحدهما من أهل فرض الجمعة دون الآخر أثما جميعا ولا يكره البيع قبل الزوال وإذا حرم فباع صح بيعه‏.‏

قلت غير البيع من الصنائع والعقود وغيرها في معنى البيع ولو أذن قبل جلوس الإمام على المنبر لم يحرم البيع وحيث حرمنا البيع فهو في حق من جلس له في غير المسجد أما إذا سمع النداء فقام يقصد الجمعة فبايع في طريقه وهو يمشي أو قعد في الجامع وباع فلا يحرم صرح به صاحب التتمة وهو ظاهر لأن المقصود أن لا يتأخر عن السعي إلى الجمعة لكن البيع في المسجد مكروه يوم الجمعة وغيره على الأظهر والله أعلم‏.‏

فرع لا بأس على العجائز حضور الجمعة إذا أذن أزواجهن ويحترزن عن الطيب والتزين‏.‏

قلت يكره أن يشبك بين أصابعه أو يعبث حال ذهابه إلى الجمعة وانتظاره لها وكذلك سائر الصلوات قال الشافعي في الأم والأصحاب إذا قعد إنسان في الجامع في موضع الإمام أو في طريق الناس أمر بالقيام وكذا لو قعد ووجهه إلى الناس والمكان ضيق أمر بالتحول وإلا فلا قال في البيان وإذا قرأ الإمام في الخطبة إن الله وملائكته يصلون على النبي‏.‏

جاز للمستمع أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويرفع بها صوته والله أعلم‏.‏